شكل الحكومة الجديدة

أتذكر أنني، وقبل بضع سنوات، كتبت مطالبا بضرورة التفكير في (شكل) جديد لطبيعة الجهاز الحكومي الأعلى وفي الإجابة على سؤال: ما هي (الحكومة) وكيف ولماذا تعمل؟ قلت يومها إن النسق التقليدي لفكرة (إثنين) مجلس الوزراء، لا يمكن لها أن تدير لوحدها دفة ورشة البناء التنموية الهائلة لأعظم اقتصاد خارج دول (السبع) بعد أن دخلت نادي العشرين. هذا الاقتصاد لا يمكن له أن يدار بالوسائل التقليدية التي لم تتغير منذ أكثر من سبعين سنة. لكن ولي الأمر، خادم الحرمين الشريفين، فاجأ في أسبوعه الأول بما أستطيع تسميته بكل ثقة: (تفكيك الهيكل). إحساسي أن المجلس التنموي الاقتصادي فعل ما يلي:

أولا: خلق لدينا انطباعا بأن كل وزراء الوزارات الخدمية التي تتقاطع كل يوم مع حياتنا أصبحوا اليوم مجموعة صغيرة على (الواتس أب). وبعد أن كانت أي قضية تنموية تحتاج إلى أشهر طويلة للمفاهمة بين وزارتين؛ نجد أنفسنا اليوم في وجه الحل المباشر الذي (يحلحل) كل هذه المعوقات في ظرف ليلة. لدي من البراهين ما يثبت هذا الشكل الجديد لفكرة الحكومة العصرية. إحساسي الأهم، أن المجلس الاقتصادي التنموي الأعلى يسير على الطريق الصحيح كي ينقل فكرة الإدارة الحكومية من بيروقراطية (الإدارة العامة) إلى نظريات (إدارة الأعمال) وهذا واضح جلي في كل الاستقطابات الشابة التي أتت في العام الأخير إلى عضوية مجلس الوزراء: كل هؤلاء جاؤوا بعد نجاحاتهم المذهلة في إدارة قطاع الأعمال الخاص في الشركات المختلفة، وهذا ما يناسب طبيعة الاقتصاد الوطني السعودي بمن فيهم آخر وزير ينضم إلى عضوية المجلس، وهو القادم من تجربة جامعة ربحية خاصة.

إحساسي الثالث: وبلا شك، يوجد لدى المجلس الاقتصادي والتنموي ما يمكن أن أسميه (ورقة استبيان) يكتب فيها كل وزير برنامجه وخطة عمله، ثم يكتب في هذا الاستبيان كل أفكاره لإنفاذ هذا البرنامج، وبالتوقيت ووسائل التمويل، كما هي بالضبط نظرية إدارة الأعمال. إحساسي الرابع والأخير: أن هذا المجلس يعطي لصاحب المعالي فترة قصيرة من ثلاثة أشهر لإقناع البقية من الأعضاء بجدية (الاستبيان) واكتمال الفكرة ووسائط تنفيذها على الواقع.

سأختم: لست أبدا أبدا بالقريب من دوائر صنع القرار، وكل تفاصيل يومي الخاصة لا تكاد تخرج من مكتبي المنزلي إلى بلكونتي الصغيرة. كل ما كتبته مجرد إحساس للوقائع المتسارعة لشكل الحكومة الجديد: شكرا محمد بن سلمان لأنك قرأت تحولات زمن ومطالب شعب. انتهت المساحة.

علي سعد الموسى

نقلا عن “الوطن”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التخطي إلى شريط الأدوات