ساعة ونصف من الدمام إلى الرياض.. بالقطار “1”

في حياتي كلها، ركبت القطار ثلاث مرات، الأولى كانت في البوسنة والهرسك عام 1995، والثانية كانت في أميركا عام 1999، والثالثة كانت في عام 2006 ذهابا إلى الرياض من الدمام، ولم أفكر حينها في العودة على نفس القطار بل عدت بالسيارة، حيث لم تكن التجربة مشجعة.
يوم السبت الماضي، قررت أن أخوض التجربة ثانية بالسفر إلى الرياض عبر القطارات الحديثة التي دخلت الخدمة مؤخرا، خاصة أن لونها أعجبني كثيرا، مقارنة بتلك القطارات الخضراء البائسة، وحاولت أن أجد مقعدا مميزا في الدرجة الأولى ولم أتمكن، بل ولم تتمكن الـ(واسطة) أيضا من خدمتي، لكنني ركبت في (الأولى) دون الحصول على مقعد مميز، وهو متاح لمن يحجز مبكرا، وكان هذا أول المؤشرات لدي على أن النقل عبر القطارات يواجه إقبالا إلى حد أن عبارة (لا توجد حجوزات) باتت متداولة كثيرا في هذا القطاع، ثم إنني أدركت أن قناعات الناس باستخدام القطار وسيلة سفر لم تعد مستغربة، أو كما كان البعض عندنا يظنون أنها وسيلة لذوي الدخل المحدود فقط!
ركبت القطار قبل أن يتحرك بخمس دقائق فقط، وهذه ميزة يستحيل أن تتاح لمن يتنقل بالطائرة، فضلا عن أن قاعة الدرجة الأولى في محطة الدمام والرياض وجدتهما أوسع بكثير من صالة الدرجة الأولى في مطاري الملك فهد الدولي بالدمام ومطار الملك خالد الدولي بالرياض، أيضا لفت نظري بشكل سريع وأفرحني كثيرا أن القطار تحرك في الموعد تماما ووصل في الموعد المكتوب على التذكرة تماما، ولست أدري لماذا هنا تذكرت الخطوط السعودية التي لي معها تجارب مريرة حول موعد الإقلاع!
ومنذ أن ركبت القطار، كنت قلقا ومنزعجا بسبب الفترة التي سيتوقفها في محطتي (بقيق) و(الهفوف)، ولكنني لم أشعر بذلك التوقف حيث كان سريعا ولم يستغرق سوى بضع دقائق، لم تكن مستفزة ولا محل تذمر على الأقل بالنسبة لي ولرئيس لجنة الحكام السعودية الصديق عمر المهنا الذي لفت نظره نفس ما لفت نظري أن التوقف كان سريعا.
ومن الأشياء التي لفتت أيضا انتباهي أن المؤسسة العامة للخطوط الحديدية حرصت ضمن تطوير خدماتها على تخصيص أماكن لذوي الاحتياجات الخاصة، وكذلك دورات مياه لا يستخدمها أحد غيرهم في القطارات.
هذه الملاحظات كانت لافتة بالنسبة إليّ، وفي ظني أنها كانت نوعية، خاصة فخامة القطار من الداخل والخارج ونوع المقاعد وحجمها، وسعة القطار ورحابته التي لم تكن كذلك حتى في درجة (الرحاب) في القطار الأخضر الذي أتمنى أن يغيب للأبد عن رحلات المؤسسة العامة للخطوط الحديدية، كما أن التحسن كان ملحوظا في جودة الخدمات وطريقة التعامل سواء في المحطات أو داخل القطار.
التجربة كانت جميلة ومريحة، إلا من أمرين سأتناولهما مع جوانب أخرى بما فيها ما ورد في عنوان هذه المقالة يوم الأحد القادم، إن أعطانا الله عمرا.
طارق إبراهيم
نقلا عن (الوطن)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *