#لقاء-خالد-المولد

كانت “ثامنة” داود الشريان ما قبل البارحة تكفي عن مئات أبحاث التحليل وآلاف المقالات التي فضحت وكشفت جذور وأغصان وأوراق وثمار هذا الفكر التكفيري التدميري. ولو كان لي شيء من المقترح لطلبت من الزميل الغالي، داود، أن يدعو “لثامنته” نخبة من علماء الدين الأفاضل وأساتذة علم النفس والاجتماع وخبراء الأمن والجريمة للجواب عن الأسئلة الحمراء المخيفة على هوامش العنوان بعاليه. أول هذه الأسئلة: هل كان خالد المولد حالة استثنائية منفردة أم أنه مجرد “عينة” من طيف واسع وثمرة من شجرة كبيرة في قلب حديقة هذا المجتمع؟ وعندما يقول خالد المولد “أنا المسلم الوحيد في هذا العالم… وأنا أعلم من الإمام مالك…” فتأكدوا أيضا أن هناك الآلاف على شاكلته الذين قد لا يختصرون شرف الانتساب للإسلام على أنفسهم ولكنهم قد يختصرونه في بضعة ملايين من بين المليار ونصفه. تأكدوا في الحلقة الأوسع، أن بيننا مئات الآلاف من حملة هذا الفكر المخيف الذين سيكفرون مليارا مكتملا ويكتفون بنجاة الثلث الباقي من رقم التعداد الإسلامي.

ثاني هذه الأسئلة: من أين جاء لنا خالد المولد وتحت أي تربية فكرية تربى ومن ثنايا أي خطاب ظهر لنا إلى الدرجة التي يرفض فيها زيارة أشقائه باعتبارهم كفرة بالبينة؟ وقد ننقسم على إجابة هذا السؤال: سيقول بعضنا الأسطوانة ذاتها التي تقول إن وراء كل شاذ إرهابي متطرف قصص انحراف وفاحشة بدليل أن خالد المولد، وباعترافه كان مدمنا وبائعا للحشيش لست عشرة سنة، لكن هذا التأويل والاستنتاج لا يصف الحقيقة. ثامنة داود لم يكن لديها الوقت الكافي لتسأل هذا “الظاهرة” عن كل المؤثرات الجوهرية أو الثانوية التي أوصلته لأن يعترض على قبر المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام وصاحبيه، لم يكن لديها الوقت لتسأله عما حدث في مدارسنا وجامعاتنا ومراكزنا الصيفية وحلقاتنا العلمية الدعوية. لم يكن لديها الوقت لتسأله عن ظروف نشأته الأسرية التي اكتوى بها مثلما يكتوي بها أيضا عشرات آلاف من أولئك الذين يرون في هذه الأفكار التدميرية تكفيرا عن ذنوب وكبائر ما سبق. ولن نكذب على أنفسنا وقواعدنا ولا على خطاباتنا ومجتمعنا مكتملا إن قلنا بكل صراحة ومكاشفة ووضوح إن المدرسة والمجتمع والخطاب والمنبر والمعسكر والأسرة هي كلها مجتمعة من أوصلنا لأن يسهر شعب كامل على دهشة تحولات مثيرة لمدمن مخدرات عاش في براثنها لسبع عشرة سنة خلال “فترتين”، ثم يتوب عنها ليقول بعدها “إنه المسلم الوحيد”، ثم يعترض على قبر الحبيب المصطفى، ويكفر كل من زار هذا المسجد. والجواب الأخير: لا… لم يكن خالد المولد حالة استثنائية منفردة، هو مثل عشرات الآلاف من مثله ضحايا الخطاب والمدرسة والأسرة والمجتمع، وما الفارق فيما بينه وبين عشرات الآلاف من أقرانه سوى درجة الكثافة أو التركيز والتخفيف في المعادلة الكيميائية في اعتناق الأفكار القاتلة.

علي سعد الموسى

نقلا عن “الوطن”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *