عصيد بالفتوش!

الحروب دائما ما تصاحبها معارك كلامية تلفزيونية، وعاصفة الحزم ليست استثناء حيث شاهدنا مجموعة من المعارك الكلامية التلفزيونية التي تفاوتت قيمة الطرح فيها بتفاوت قدرات المشاركين، وكان اللافت للنظر أن المتحدثين التلفزيونيين المؤيدين لعاصفة الحزم غالبا ما ينتمون لدول التحالف مثل السعودية أو الكويت أو الإمارات أو قطر أما المتحدثون المعارضون لعاصفة الحزم فإنهم غالبا ما يكونون لبنانيين ومن المحسوبين على إعلام حزب الله تحديدا، ما يجعلك تشعر بأن العاصفة العاتية هبت على ضاحية بيروت الجنوبية مثلما هبت على جبال اليمن التي حاول الحوثيون اختطافها بمساعدة الرئيس المخلوع.

كان تحليل هؤلاء الإعلاميين اللبنانيين الموالين لحزب الله للشأن اليمني أشبه بخلطة العصيد بالفتوش!، وقد حاول بعضهم استخدام كل مهاراته في لي عنق الحقيقة كي يثبت وجهة النظر التي يدافع عنها، وقد يتخيل من يشاهد هذه المعارك التلفزيونية أن الرأي العام اللبناني في مجمله معارض لعاصفة الحزم وهذا بالطبع غير صحيح لأن ما نشاهده على بعض الشاشات اليوم يأتي في سياق حالة اختطاف لبنان: الدولة والقرار والرأي العام، فاللبنانيون لديهم من المشاكل ما يكفيهم خصوصا بعد تفاقم الوضع في سوريا واستمرار أزمة انتخاب رئيس للجمهورية وليسوا مشغولين كثيرا بمشاكل الحوثيين، ولكن مثلما حولت إيران لبنان الأرض والإنسان إلى مساحة لمساومة الغرب عن طريق حزب الله، ها هي اليوم تسعى إلى تحويل صحافته الحرة إلى وسيلة للدفاع عن المشاريع التوسعية الإيرانية عن طريق حزب الله أيضا.

على أية حال الإعلام اللبناني لا يمكن السيطرة عليه بهذه البساطة لأنه إعلام تشرب الحرية واعتاد التمرد منذ نشأته، وقد شاهدنا العديد من الإعلاميين وأصحاب الرأي في لبنان الذين وقفوا موقفا مناهضا لتبعية حسن نصر الله لإيران رغم حالة الخوف التي يحاول حزب الله نشرها في الوسط الإعلامي اللبناني، ومن حسن حظ العرب وحسن حظ لبنان أن هؤلاء الإعلاميين ينتمون إلى مختلف الطوائف اللبنانية بما في ذلك الطائفة التي يدعي الحزب بأنه يمثلها بينما هو في الحقيقة يسعى لسرقة قرارها وربط مصيرها بمصيره.

أما حين نترك الإعلاميين اللبنانيين ونتجه إلى الإعلاميين السعوديين المشاركين في هذه المعارك التلفزيونية نقول إن بعضهم كان قوي الحجة في أطروحاته بينما كان البعض الآخر متحمسا أكثر مما ينبغي، وكان هناك قسم ثالث لا يجيد الكلام وليته يشارك بلغة الإشارة!.

خلف الحربي

نقلاً عن “عكاظ”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *