“سيلفي” مع وزير

ماذا يعني أن يبدأ وزير يومه الأول في الوزارة بالتقاط صور “سيلفي” مع الموظفين والمراجعين؟

إما أن تكون بروباجاندا دعائية أو هي طريقة حديثة للتعاطي مع واقع الحال بكسر البروتوكول والرسميات، ومن يعرف الوزير عزام الدخيل أو على الأقل يتابعه على “تويتر” قبل أن يوزر، سيذهب مع الخيار الثاني بلا جدل.

لم يكتف الوزير الجديد بصور “السيلفي” وواصل رمي البروتوكول جانبا فظهر وحيدا دون مشلح أو مرافقين خلال زياراته للمدارس، للوقوف على سير العملية التعليمية، مؤكدا بذلك على أن ما يفعله هو سلوك غير مصطنع، وأنه ينوي فعلا الانخراط في العمل دون تكلف.

وبعيدا عن شخصية الوزير وطريقة تعاطيه مع المواقف، سأضطر هنا إلى الاستعانة بمقال كنت قد كتبته في نفس الزاوية للوزير السابق للتربية الأمير خالد الفيصل، حين تسلم الوزارة وعنونته بـ”حقيبتك ثقيلة يا معالي الوزير”، ولعلي أستعيد بعضا منه لمخاطبة الوزير الجديد.

قلت حينها: حقيبتك مثقلة بالتحديات والتراكمات، وربما الخيبات، فأنت تعلم جيدا أن الإحباط يتسيد الموقف حين يكون الحديث عن التعليم. والتعليم في مجالسنا هو: مبان مستأجرة، فصول متهالكة، طلاب متكدسون، إمكانات محدودة، وميزانية هي الأكبر على مستوى الوزارات والدول.

الطالب ليس الطالب الذي تعرفه حين كنت على مقعد الدراسة. أصبح اليوم أكثر وعيا وفضولا وشراسة. لكنه ما زال رهن حشو المناهج، ويتعامل مع الورقة والقلم، اللذين كنت تتعامل معهما حين كنت طالبا، وفي منزله يفعل كل الأشياء دون ورقة وقلم.
والمعلم اليوم ليس معلم الأمس، توارت شخصيته في ظل الأنظمة التي حدت من قدرته وسيادته، وتراجع عطاؤه مع ارتفاع حجم مهامه وأعداد الصغار الذين يتفرس وجوههم كل صباح، لكنه ما زال صامدا ويطمح في بعض الحقوق الغائبة، كالتأمين الطبي وبدل السكن وأشياء أخرى.

كل هذا يضاف إلى مهمتك الأولى: المدرسة، كيف نجعل منها مكانا جاذبا، لا طاردا كما تبدو، وكيف نصنع بيئة تعليمية رائدة تتواءم مع اهتمامات النشء، وتحقق احتياجاتهم، وتجعلهم يتقاطرون عليها بحب ويشعرون بالانتماء إليها.

حسن الحارثي

نقلا عن “الوطن”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *