الحرف العربي.. السعودي!!

هل هناك أيام عالمية للغات أخرى كالصينية مثلاً؟

«العرب» هم الذين حددوا هذا اليوم، احتفالاً بعطف (القمعية) العامة للأمم المتحدة (الأمريكية الدبوسية) عليهم، وإدراج لغتهم ضمن اللغات الرسمية في أروقتها، بعد جهادٍ مرير، من الخمسينات إلى (1974م)! والعرب يقولون بالنجدي الفصيح: «من شاف زينتها؟ قال: أمها وماشطتها»! وترجمته بالحجنجزي الفصيح برضو: «مين يشهد للعروصة غير أمها؟»

وإذا تذكرت أن اللغة هي «الهوية القومية»، أدركت مقدار هواننا على أنفسنا وعلى الناس، حتى صرنا نستجدي الاعتراف بوجودنا، من هذه المنظمة أو تلك! وأدركت لماذا نحن السعوديين (أصل العرب) بالذات: الشعب الوحيد في العالم الذي يكسر لغته، ويدشدش «هويته القومية»، حتى في «بطحاء» الرياض، ومنفوحتها!!

أما اختيار «الحرف العربي» محوراً لاحتفالاتنا هذا العام، فقد جاء منسجماً مع فكرنا العربي، الذي يتمطى ويتمطط أفقياً لا رأسياً، كالبطيخ تماماً!! كيف؟ هل بحثنا عن محور يحفر في العمق كسؤال: ما هي اللغة العربية؟ هل هي (نحوياً): قوالب الزميل (الفارسي) «رائحة التفاح/ سيبويه»؟ وهل حدث «لا سمح الله» أن خرج العرب على تلك القوالب، ليثبتوا أنهم طبيعيون، يتغيرون، ويقوون، ويضعفون، ككل البشر، وبالتالي فلغتهم (هويتهم القومية) ككل لغات البشر، تتغير وتتطور، وتحيا وتموت، وتولد من جديد؟

وفي واقع «كاريكاتوري»، يصوِّر رأسه في الجاهلية الأولى، وقدميه في الجاهلية الحالية: لم يجد «السيد عربي» أسهل من الاحتفاء والاحتفال بالحرف العربي؛ مفرِّغاً جمجمته من محتواها، ومبقياً على «هيكلها»! والخط العربي هو أوضح من يجسد تقلب المزاجية (السطحية)، وتلون (الهوية القومية) الضائعة المبتذلة، وازدواجيتها ونفاقها: انظر كيف يتغير (شكل) الحرف العربي بتنوع الخطوط! وكيف يُستخدَم «الدين»، بالتفنن في رسم الآيات القرآنية العظيمة، وتزيين محاكم الظلم والاستبداد (مثلاً) بآيات العدل والإحسان؟ أما «إملائياً»؛ فهل تعرف «للهمزة» فقط «هوية قومية»؟

ولكن… هناك حرف عربي واحد، لا يمكن أن تشكك في (هويته القومية) السعودية! إنه حرف (الواو): يولد السعودي باكياً: واء وااء واااء.. الحليب ارتفع! وينشأ كسولاً اتكالياً، يبحث عن فيتامين (واو) حتى في البحث عن (واسطة)! ويموت صارخاً: واااااااو.. أخيراً جاء دوري في بوابة وزارة «الإسكات»! الإسكات القلبي!!

محمد السحيمي

نقلا عن “مكة”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *