منع إسعاف السعوديات؟!

إما تعيين مسعفات أو وقف منع إسعاف الرجال للنساء.. ليس هناك خيار آخر، وأي تهاون في اعتماد هذا الأمر يعني السماح بمزيد من نزيف دماء السعوديات، فما زال البعض يمنع المسعفين من أداء واجبهم بذريعة عدم الاختلاط، وما زال تعيين مسعفات في الهلال الأحمر السعودي أمرا بعيد المنال حتى إشعار آخر.

والحقيقة أنه آن الأوان ألا يقف أي عائق أمام المسعفين وعملهم الإنساني، فالشريعة الإسلامية جاءت لحماية الضرورات الخمس ومن ضمنها النفس البشرية، وبالتالي فإن من يمنع المسعفين من أداء واجبهم الإنساني فقد ارتكب محرما شرعاً.
أقول هذا الكلام وأملي أن يعتمد مجلس الشورى الأسبوع المقبل توصية تقدمت بها الدكتورة حنان الأحمدي تطالب فيها بوضع لائحة تجرّم معرقلي المسعفين عند مباشرتهم الحالات الإسعافية النسائية، وتتضمن عقوبات صارمة بحقهم، فهل يفعلها المجلس من أجل حقن المزيد من دماء السعوديات والحفاظ على أرواحهن؟

آن الأوان ألا نسمح بموت مواطنة لأن فرق الإسعاف لم تتمكن من عملها، فالمآسي في هذا الإطار مسلسل بدأ ولم ينته بعد، بداية من حادث مصرع 14 طالبة عام 2002 حرقا في مكة المكرمة بسبب منع دخول رجال الإطفاء والإسعاف إلى مدرسة بنات، وليس انتهاء بموت طالبة الماجستير آمنة باوزير إثر تعرضها لأزمة قلبية حادة في جامعة الملك سعود، بعد أن منع المسؤولون فرق الإسعاف من دخول الجامعة بحجة أن الاختلاط ممنوع، وأن الفتاة دون غطاء وأنهم لا يستطيعون إدخال الرجال إلى مبنى النساء رغم حاجتها للتدخل الطبي السريع.

وبالإضافة إلى ذلك، يتواصل نزيف الدماء على الأسفلت لمواطنات يتعرضن لحوادث مرورية ولا يتمكن المارة أو المسعفون من إسعافهن بسبب منع البعض لهم من أداء واجبهم الإنساني في إنقاذهن من الموت على الأسفلت.

أمر آخر شديد الأهمية هو ما صرح به المتحدث الرسمي للهلال الأحمر في مدينة الرياض عبدالله العتيبي، حيث كشف أن تعيين “مسعفات” قيد الدرس، والحقيقة أن هذا الأمر تأخر كثيراً بالنظر إلى ما سبق أن أشرنا إليه في السطور السابقة وفي ظل تأكيد مسؤولي الهلال الأحمر أن المسعفين يواجهون تحديات من بعض الرجال عند مباشرتهم بعض الحالات الإسعافية للنساء وأن بعض حالات الإناث المرضية خصوصاً حالات الولادة والنزف أو ما يشابهها من حالات خاصة يطلب فيها ولي أمر المريضة أن تكون عملية الإسعاف وسيلة نقل فقط من دون تقديم أية خدمة إسعافية.

وأخيراً علينا أن نسأل أنفسنا: كم روحاً من أرواح النساء ستزهق قبل أن ندرك أنه كان بالإمكان أن ننقذها لو سُمح لفرق الإسعاف بالدخول إلى مكان الحادث في اللحظات الأولى ومباشرة عملها الإنساني دون عوائق ووفق الضوابط الشرعية؟
.. وكم علينا أن ندفع ثمناً لتأخرنا في اتخاذ الإجراءات والضوابط التي تكفل وقف نزيف الموت والدماء؟

طارق إبراهيم

نقلا عن “الوطن”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *