سعر البرميل والضمير!

القلق من تأثيرات هبوط أسعار النفط له ما يبرره، ولكن إذا أردنا الحق فإن التأثير الحقيقي لا يأتي من مؤشر سعر البرميل، بل من الاستخدام الأمثل للموارد ودرجة صيانتها من العبث، فحتى لو وصل سعر البرميل 200 دولار، فإن الاستفادة من العائدات سوف تكون محدودة ما لم تكن هناك آليات وأنظمة صارمة لإدارة العائدات بطريقة مثالية تعود بالنفع على الوطن وأهله.

سأطرح لكم مثالا صغيرا جدا حول عدم فاعلية الأموال الكثيرة إذا لم تتوفر الإدارة الصحيحة، وبإمكانكم أن تحملوا عدسة مكبرة وتعمموا هذا المثال على بقية القطاعات العامة، فبالأمس فقط نشرت الصحف تصريحات لسمو الرئيس العام لرعاية الشباب أبدى فيها استغرابه من كيفية إدارة الأمور المالية في اتحاد كرة القدم الذي تراكمت عليه الديون حتى بلغت 141 مليونا، منها سلفة بـ90 مليون ريال فقط لعقد مدرب المنتخب السعودي السابق ريكارد.

وكنا قد كتبنا عن ذلك العقد العجيب حال توقيعه، فاتهمنا البعض باستباق الأحداث، والآن بعد رحيل ريكارد يحق لنا أن نسأل: ما الذي قدمه لنا مقابل هذا الرقم الذي لا يحلم به مدرب المنتخب الفائز بكأس العالم؟!، باختصار شديد.. لقد خرجنا من التصفيات الأولية لكأس العالم مثلنا مثل أضعف فرق آسيا، وهو أمر لم يحدث للأخضر منذ عشرات السنين، ثم خرجنا من الدور الأول لكأس الخليج، وهذا أيضا أمر لم يحدث للأخضر منذ عشرات السنين، وتراجع تصنيف الأخضر إلى مستويات لم يعرفها منذ زمن بعيد!.

هكذا.. بكل بساطة، دفعنا مبلغا خرافيا يعادل قيمة مجموعة من مدربي أفضل المنتخبات في العالم ظنا منا أن المال الوفير يمكن أن يصنع كل شيء، فما كان من هذا المدرب الهولندي إلا أن وضع المبلغ الكبير في جيبه وتعامل معنا بأقل درجة من الاهتمام، حيث كانت إقامته في البلاد متقطعة، ومعرفته بالكرة السعودية محدودة، فأعادنا عشرات السنين إلى الوراء.

ونعود لنؤكد أن هذا مجرد مثال صغير لما يمكن أن يحدث حين تغيب الإدارة الايجابية في كل المجالات، وليس في كرة القدم فقط، فالعقول النظيفة والضمائر الحية هي التي تصنع الفارق، وليس العائدات المالية الضخمة للبترول!.

خلف الحربي

نقلا عن “عكاظ”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *