المرور وأمن الطرق، وإغلاق (الهدا): إنهم باختصار (لا يحترمون الناس)!!

مساء الخميس الماضي كنت في مكة المكرمة في طريقي إلى الطائف ثم الباحة، لزيارة صديق من أقاربي عزيز على نفسي تعرض لحادث مروري شنيع، جبر الله كسوره، وخاطره وشفاه. عند الساعة السابعة مساء وصلت بداية جبل الهدا، وفي الطريق من مكة إلى مكان ما وصلت توقفت عند نقطتي تفتيش إحداهما الموجودة في مدخل مكة من جهة الطائف، والثانية هي نقطة تفتيش الكر، وفي كليهما، وكالعادة كانت يد الجندي مرفوعة بإشارة مواصلة المسير، لكن المفاجأة أنني بعد أول ملف من عقبة الهدا وجدت السيارات متكدسة واقفة، مما أوحى لي بوجود حادث شنيع – لا سمح الله – أغلق الطريق، فتوقفت ثم مددت يدي لتخفيض صوت الراديو إذ كنت منسجما مع برنامج عبر إذاعة جدة، وهناك سألت أحد الشباب الذين أوقفوا سياراتهم ونزلوا منها، فقلت له ما الأمر، قال الطريق مغلق بسبب الأمطار وقد أبلغنا أحد الجنود الذي مر بدوريته من الطريق النازل أن الأمر قد يتطلب سبع إلى ثماني ساعات حتى تفتح الطريق، وفي هذه الأثناء كانت طوابير السيارات بعدي قد وصلت إلى نحو مائتي متر، بحيث لم أعد أرى آخرها، وبطبيعة الموقف فإن أولها يمتد إلى منتصف الجبل تقريبا، لأن الإيقاف بدأ قبل وصولي بنحو ساعة ونصف.

تلفت هنا وهناك علني أرى دورية أو جنديا فلم أجد، لكنني وجدت أعدادا من السيارات أمامي، وهي تستدير إلى الخلف لتعكس الطريق عائدة إلى مكة، وأنى لها ذلك، فقد اختلط الحابل بالنابل فالطالع يبحث عن منفذ، والمعاكس يبحث عن مخرج، وهات (يا شتم، وخناقات، وبواري، وصياح)، عدت إلى سيارتي فوجدتها محاصرة، سيارة معاكسة أمامها، وأخرى في مكانها الطبيعي من الطابور خلفها، وأخرى بشكل عرضي من جانبها الأيمن حاولت الاستدارة إلى الخلف فلم تستطع، وعن يسارها الحاجز الاسمنتي، فطبقت نظرية (القبول والرضا) تجنبا لأي احتكاك في موقف كهذا أنفس الناس في رؤوس أنوفها، وفتحت جوالي واتصلت على (أمن الطرق) ورويت لأحدهم الموقف وسألته متى تفتح العقبة؟ فقال: ربما خلال دقائق، وعموما هذا اختصاص إدارة المرور فاتصل بهم، اتصلت، فردت عمليات المرور، وقال المجيب: هذا ليس اختصاصنا، هذا اختصاص مرور الهدا، وهذا رقمهم، اتصلت وعلى مدار عشرين دقيقة والهاتف مشغول، واصلت الاتصال إلى أن بلغت الساعة الثامنة والنصف، وهاتف مرور الهدا مشغول، عدت إلى عمليات المرور، فقال أحدهم: هؤلاء رقمهم مشغول باستمرار، ونحن لم نستطع الوصول إليهم، فقلت: ألا يوجد لديكم وسيلة اتصال أخرى بهم؟ قال: لم يردوا!!.

عند الساعة التاسعة والنصف، فتح الطريق، وبدأ صراع المسير والبحث عن مخرج من تعاكس السيارات حتى اعتدل الطريق ومشينا.
والآن إلى الأسئلة الغريبة التي دارت في رأسي، وكدت بسبب تفاهتها وبديهية إجاباتها أن أدير سيارتي من رأس عقبة الهدا، وأقلد التلفريك، فأطير بها إلى الكر، لعل طيراني هذا (منتحرا) ينبه المرور وأمن الطرق إلى تلك البديهيات الواضحات، التي يمكن فعلها دون تفكير ولا تعب، ولا خطط مدروسة، ولا أنظمة لا تطبق ولا تحترم، بل إن أول من يخرقها ويهينها واضعها نفسه، فكيف يحترمها الآخرون، وكيف لا (يطقون) قهرا وغبنا من عدم وجود ذرة احترام لهم!!

أغلقت الطريق عند الساعة الخامسة أو حولها، فلماذا لم تقف دورية مرور أو أمن طرق في بداية الطريق عند اللوحة المشيرة إلى طريق الطائف على الطريق الدائري في مكة لتقول للناس: اتجهوا إلى طريق السيل (الهدا مغلق)، هل هذا صعب؟ هل هذا بديهي؟ هل هذا واجب؟ هل هذا دليل على احترام الناس؟ هل هذا دليل على أن المرور، وأمن الطرق يعرفان واجبهما ودورهما؟ هل هما موجودان؟ أين هما إن لم يحضرا هنا؟

حسنا لا دورية وقفت ولا جندي ولا لوحة، هل يوجد تكامل وتعاون بين الشرطة والمرور وأمن الطرق؟ إن كان يوجد فلماذا لا نقطة تفتيش الخروج من مكة، ولا نقطة الكر أبلغت الناس أن الطريق مغلق فعودوا حيث إمكانية العودة متوفرة وسهلة؟ حسنا. لا يوجد تكامل ولا تعاون فهم جزر منفصلة وكل يعمل لوحده، لماذا لم تلجأ إدارة المرور إلى إذاعة جدة – مثلا – فتقطع بثها وتبلغ بإيقاف الطريق؟ حسنا. المرور يبلغ الناس برسائل على جوالاتهم بالمخالفات وقيمتها، فلماذا لم يتكرم برسالة جوالية تبلغ الناس بقفل الهدا؟

كل ما تقدم من بديهيات واضحات لم تحدث!!، ولهذا لن أسأل عن الحضور الميداني للمرور ولا لأمن الطرق في موقع الحدث، لأنني لو سألت، سيضحك أي أحد، ويقول: يا أخي ما أجهلك!! كيف تطالبهم بالحضور الميداني والتقنية الحديثة تخدمهم؟ فماذا أقول، سوى أنهم فعلا يعرفون التقنية، ويجيدون استخدامها ببراعة، لكنهم باختصار، لا يحترمون الناس، ولا يوجد من يحاسبهم على عدم الاحترام هذا الذي هو من صميم واجبهم!؟ وعدم احترام الناس ولا الواجب يفضي إلى ما حدث في إغلاق طريق الهدا لبضع ساعات لم يجد أي أحد توترت أعصابه بسببه أي تجاوب أو حضور من أي نوع لا من المرور ولا أمن الطرق، والسلام عليكم.

قينان الغامدي

نقلا عن “مكة”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *