“ما للرجا في بعض الأحوال قيمة”!

إن كنت تسكن في مجمع سكني مغلق، فلا تقرأ هذا المقال؛ لأنه لا يعنيك.

يقول الخبر، إن مواطنا مسلحا اقتحم مركز صحي الربوة في جدة؛ احتجاجا على وقوف سيارات المراجعين أمام منزله، الأمر الذي تطلب -وفقا لعكاظ- السيطرة عليه بعد حالة الفوضى والهلع التي تسبب فيها للعاملين والعاملات والمراجعين لحين حضور دوريات الأمن!

أنا لا أبرر هذه التصرفات، وأدينها تماما، لكنني في لحظة معاناة أجد العذر للإنسان أن يفقد السيطرة على نفسه، حينما يجد نفسه وسط مجموعة من البشر لا تقيم له وزنا من احترام ولا ذرة من تقدير!

يقول صديق ساخر: إذا أردت أن تنتقم من شخص ما بذكاء، فافتح جوار منزله مطعما!

الناس باتت تضطر للتوسل والرجاء من الآخرين لعدم السطو على حقوقها. ألا تلاحظ كثرة لوحات الرجاء المنتشرة في كل مكان: “الرجاء عدم الوقوف أمام مدخل السيارة” -هذا يعني أن هناك من يقفون أمام المدخل. “الرجاء عدم الوقوف أمام المحل” هذا يعني أن هناك من وقفوا أمام باب المحل بسيارتهم. “موقف خاص” هذا يعني أن هناك من جعله موقفا عاما.

يقال رب ضارة نافعة، لكن المشكلة في رب نافعة ضارة.. مجاورتك للخدمات العامة أمر في ظاهره الرحمة وفي باطنه العذاب. مفارقة: تتوفر لك خدمات قريبة؛ لكنك تدفع راحتك ثمنا لها.. تتوفر لك الراحة باليد اليمنى ويتم سلبها باليد اليسرى!

مرة أخرى هذا أمر لا يمكن فهمه.. كيف لمؤسسات حكومية تتماس مع حياة الناس لا توفر مواقف لسياراتهم. بينما لو ذهبت لأي مول تجاري ضخم تجد إدارة المجمع توفر مواقف مريحة لسيارات العملاء والمرتادين. أحيانا يتجاوز عددها ألف موقف!

يفترض عدم السماح بافتتاح أي منشأة حكومية أو خاصة، أو السماح باستئجارها، ما لم تتوفر مواقف للناس. مؤسف أن يصل بك الحال إلى إشهار السلاح، واستخدام يدك لاستعادة راحتك المسلوبة.. “ما للرجا في بعض الأحوال قيمة”!

صالح الشيحي

نقلا عن “الوطن”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *