إلى رئيس الشباب : “بورسعيد” تطل برأسها!

في خضم الأحداث الكروية العاتية التي تعيشها بلادنا ولأجل أن نكون بأفضل حال؛ علينا أن نستخدم بعض الصراحة والمكاشفة. لنلق عيوبنا أمام الملأ خاصة تلك التي من الممكن أن تؤدي بنا إلى الهلاك ونحن صامتون إزاءها كأننا خشب مسندة.

الآن هناك موجة كره وتبادل أمان بالاندثار والموت من قبل أنصار فرق كرة القدم فيما بينهم، بل تعدى الأمر ليشمل إعلاميين ولاعبين سابقين، ولا نشك أن إداريين بأسماء كبيرة معروفة هم من بين المحرضين الكارهين.. وفي ظل ذلك نكاد نجزم أن النار لم تعد تحت الرماد بل باتت تطل بلهيبها لتقفز وتأكل الأخضر واليابس.

قد نستكين للأمر ونصفه بالمبالغة وفق أحداث تتكرر في ميادين الكرة، إلا أن علينا أن نبلغكم أنها أصبحت أشد وأنكى، ولعلها أصبحت أكثر قربا مما حدث في مدينة بورسعيد المصرية يوم الأول من فبراير 2012.. “73 قتيلا ومئات المصابين”، بعدما اعتلت عبارات التنافر والكره لتنمو وتتسع عبر المتعصبين، وتم إيقادها من قبل الإعلاميين وخاصة البرامج التلفزيونية حتى بلغت شأنا من الاحتقان انفجر من خلاله مشجعو الفريقين لتكون كارثة بورسعيد أكبر كارثة كروية همجية تعصبية من حيث عدد القتلى عبر التاريخ الكروي.

الأمر لدينا قد يصل إلى نواح أشد في ظل أن عبارات تمني الموت ثم الاندثار قد حضرت، ناهيك أن مفردات الكراهية والاحتفال بخسارة المنافس قد أضحت عيانا بيانا ومن المسلمات التي لا تغيب.. يحدث هذا ومسؤولونا يستمتعون بالأمر وكأن الشأن لا يعنيهم، وهنا لا بد أن نحذر من الآن وبصوت عال، من أن الكرة السعودية تعيش في مثل هذه الظروف، منذ تعالت وسائل التواصل الاجتماعي وقبلها تكاثرت البرامج الحوارية التي تتبع لجهات مختلفة، وسط خطاب حواري تأجيجي، كل ينفخ من خلاله بأن أفضليته سرقت واختطفت من بين أياديهم، تعبر عنه بانحياز إعلامي صارخ، عباراته الأهم تلك الداعية لرفض الآخر والتحريض عليه، حتى بلغنا ما بلغنا الآن بل وما جعل غير المنتمين لنا في الاتحادات القارية والدولية يستغربون هذا التأجيج الذي يصلهم من سعوديين ضد سعوديين؟!

خطوات بورسعيد مرت في الشأن نفسه، بل زدنا عنهم بالانتماء المطلق، وليست أناشيد الأندية وإعلاء أن الانتماء لها هو الأول على حساب المنتخب وأي شيء آخر؛ إلا نارا تتقد لإذكاء التعصب ورفض الآخر، لتصبح رسالتهم أن لا يهمهم غير أن يحقق ناديهم الانتصارات بأي ثمن وبالحق أو بالباطل وحتى لو وصل الأمر للإساءة للنادي المنافس والاتحاد والأشخاص، حتى أننا بتنا نقرأ ونشاهد لافتات خارجة ومحرضة على العنف دون أن تواجه بالقانون الرادع.

الأهم في القول أننا هنا نوجه رسالة للرئيس العام لرعاية الشباب الأمير عبدالله بن مساعد للعمل على كل ما يؤدي إلى تخفيف هذه الظاهرة المقيتة، وأحسب أنها الأهم من أي مشاريع مادية مستقبلية، ولأن الأمر يخص لحمة بلد ومنع شرور وإيذاء فلا بد من العمل وكل العمل مع كل ما من شأنه التصدي للمحرضين الداعين للكره والبغضاء، لأن التغاضي عنهم قد يدفعهم جهارا للدعوة لمجزرة “لا سمح الله” كما حدث في “بورسعيد”.

مساعد العصيمي

نقلا عن “الوطن”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *