تعديد المنافع عند : “السياحة” و”السكة” و”السباحة”

يضرب المثل الشعبي: “حج وبيع مسابيح” عندما يريد شخص ما أن يحقق هدفاً بالتزامن مع الهدف الأساس، ويؤكد هذا المثل الآية 28 من سورة الحج (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ).

وبالتالي فإن استراتيجية تعدد المنافع عند التخطيط وبذل الجهود لتحقيق هدف ما، ليست بجديدة وهي متداولة شعبياًّ وأقرها القرآن الكريم للذاهب للحج الذي يجب أن يتفرغ ذهنياًّ للعبادة إلا أن الله سمح بأن يحقق منفعة أخرى بالتزامن مع المنفعة الأساسية.

علم الإدارة الحديث ومن خلال ما أسماه “كفاءة المؤسسة” يطالب المديرون بأن يعددوا منافع الجهود والإمكانات المبذولة لرفع كفاءة الأداء ولكن وللأسف الشديد رغم أن الموروث الشعبي ينادي بتعديد المنافع والله – سبحانه وتعالى – أقر ذلك والإدارة الحديثة ترفع درجة كفاءة المؤسسة بذلك إلا أن ندرة من المسؤولين من يسعون لتحقق أجهزتهم التي يرأسونها منافع متعددة إضافة للمهمة الرئيسية التي أنشئ من أجلها الجهاز.

من هؤلاء الندرة رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار الأمير سلطان بن سلمان، الذي دائماً ما يضع أفكاراً تقول بضرورة معالجة قضايا الاقتصاد الكلي بالتزامن مع تحقيق الأهداف السياحية، حيث لا ينظر سموه لعدد زوار المملكة للسياحة أياًّ كان نوعها فقط مؤشراً لنجاحه وإنما يرى أثر ذلك على التوظيف والاستثمار وتنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة والكبيرة العاملة في مجال السياحة وتعزيز المقومات الاقتصادية للمناطق والمحافظات والمراكز والهجر لتعزيز الهجرة العكسية مؤشراً مهماً يعكس مدى نجاح الهيئة العامة للسياحة والآثار في تحقيق غاياتها.

ومن هؤلاء الندرة رئيس المؤسسة العامة للخطوط الحديدية المهندس محمد السويكت، الذي يرى هو الآخر أن النجاح لا يتمثل بكم راكب، وكم طن بضاعة تم نقله يومياًّ أو سنوياًّ إنما النجاح الحقيقي يكون بذلك بالتزامن مع تحقيق أهداف الاقتصاد الكلي وهو كم سعوديا توظف وكم متوسط دخله؟ وكم وفرنا من مليارات صيانة الطرق التي تدكها الناقلات والحافلات والسيارات التي تنقل الركاب والبضائع وستقلل حركتها القطارات؟ وكم خففنا من الزحام المروري نتيجة حركة القطارات؟ وكم خفضنا من أطنان الملوثات التي تضر بالبيئة والصحة؟ وكم من فرصة استثمارية توفرت لأبناء الوطن؟ وكيف ستكون جودة حياة المواطن عندما ينقل بالقطارات بسرعة وأمان ليصل إلى حيث يريد بتكاليف منخفضة؟

ومن هؤلاء أيضا رئيس اتحاد السباحة السعودي الأمير عبدالعزيز بن فهد، الذي لم ير يوما أن تحقيق ميداليات الألعاب المائية بكافة أنواعها غاية نهائية لاتحاد السباحة إنما يرى أن السباحة والوظيفية، وفرصة زيادة الدخل للموظفين أثناء أوقات الفراغ، والحد من حالات الغرق، والحد من الجريمة بتمكين الشباب من استثمار أوقات فراغهم بما هو نافع، حيث تعتبر السباحة أداة متعة ورياضة، والحد من أمراض العصر كالسمنة والقلب والضغط والسكر وغيرها وبالتالي تخفيض فاتورة الصحة على الدولة.

هؤلاء أبدعوا باتجاهاتهم الاستراتيجية لخدمة الوطن والمواطن وتحملوا المخاطر المترتبة على ذلك نتيجة مضاعفة الجهود وطول المسيرة وسهام النقد وآمنوا بضرورة دورهم في دعم الاقتصاد الكلي، والأمل أن يتخذهم المسؤولون في بلادي قدوة لتعديد منافع مؤسساتهم لصالح الوطن والمواطن.

طارق إبراهيم

نقلا عن “الوطن”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *