عاشت «كورونا»

لا نرى بصيص أمل لتحسن في الخدمات الصحية، حتى إن أحد الظرفاء علق على هذا قائلاً: ربما ينتظر تسليمها لشركات الاستقدام! كأنني أرى تباشير ذلك؟

في الواقع يمكن القول إن هذه الخدمات تزداد سوءاً وتهبط في منحدر، الوزارة أصبحت وزارة «كورونا»، ليس هناك من حديث للوزير المكلف سوى عن هذا المرض، صحيفة «الاقتصادية» نشرت أمس أن خطة الوزارة لاستحداث 97 ألف سرير بنهاية 2014 لم ينفذ منها سوى 64 ألف سرير، وفي المراكز الصحية «الجديدة» لا يختلف الأمر كثيراً، لكن هناك مسألة جوهرية أبعد من توافر السرير والمركز للمريض، وهو نوعية الخدمة، هل تضيف إلى الصحة أم أنها إضافة للمرض؟

حينما أنشأت وزارة الصحة إدارة للأسرة، توقعنا أن تتفرع منها أقسام للشراشف والبطانيات وقطع غيار السرير، من الصعب حصر عدد الإدارات والمديرين في الوزارة، هي دولة وربما دول و«سكان»، وكل وزير يضع لبنة وطاقماً، فيها شبه من مبانيها الإدارية والطبية، برج جديد بجوار أبراج قديمة!

تحولت «كورونا» من محنة إلى منحة، التقدم فيها سهل بالبيانات الصحافية، وبعد الحج كشفت وزارة الصحة الجزائرية عن جزائريين قادمين من الحج مصابين بـ«كورونا»، ولم تعلق «صحتنا»!

كيف يمكن قياس تطور أو تردي عمل وزارة الصحة من دون نظرة إلى أرقام أو خطط لندقق في الخدمة النهائية؟ إجراءات تافهة يمكن لها أن تحول بين الخدمة ومحتاج لها باقية كما كانت.

هنا قصة صغيرة، في بداية إجازة عيد الأضحى الأخيرة اضطرت سيدة ضعيفة وهي في حال صحية صعبة للذهاب بسيارة «أجرة» لمستشفى الشميسي، بعد ما أكلت المستوصفات الخاصة الأخضر واليابس، بعد فحص المواطنة في طوارئ المستشفى قيل لها عن ضرورة إحالتها إلى قسم الكلى، والذي لا يبعد سوى أمتار، برج من ضمن حزمة الأبراج التي تناطح السحاب، لكنهم اشترطوا أن تحضر إحالة من مركز الرعاية الأولية في الحي البعيد! المراكز في إجازة طويلة مع موظفي الحكومة، حينما حضرت بعد انقضاء الإجازة قالت لها الموظفات «السنعات» في المركز: «هاتي صك البيت»، نفس ما كان يحدث قبل أعوام طوال، ما الذي تغير؟ وزير بدل وزير ووكيل بدل وكيل ويبقى الوضع على ما هو عليه.. و«لتحيا كورونا».

عبدالعزيز السويد

نقلا عن “الحياة”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *