تقيسون نقيس!

طالب مجلس الشورى بإجراء دراسات لقياس وأداء إنتاجية موظفي الدولة، ودراسة معايير الجدارة في الدول الأخرى، وتحليل مقوماتها، ودراسة الملائم منها لقياسات الأداء الموجوة في المملكة، ومقارنة أداء الموظف السعودي (مع مثيله في أفضل دول العالم أداء)، وكل هذا الكلام جميل وأحلى من الشهد خصوصا أننا كمواطنين تعودنا خلال السنوات الماضية على أخذ مقاساتنا، فالطلبة الذين يتخرجون من المدارس يذهبون إلى مركز القياس، والمتقدمون على طلبات الدعم السكاني تقيس وزارة الإسكان مصداقية استحقاقهم لهذا الدعم بدءا من عداد الكهرباء في بيت الجيران، وانتهاء بنسبة السكر في الدم، والعاطلون عن العمل تقيس وزارة العمل حقيقة حاجتهم للوظيفة أو لإعانة حافز بالملي متر، وهكذا حتى أصبح كل شخص يعبر الشارع يقيسنا ثم يكمل طريقه، إلى درجة أن المواطن أصبح يسأل أي شخص ينظر إليه لمدة تزيد على نصف دقيقة: (تبغى تقيس؟!).

باختصار لم تعد لدينا أي مشكلة في أخذ قياساتنا سواء كانت هذه القياسات بالمتر أو بالكيلو جرام أو حتى بالفولت إذا دعت الحاجة، ولكن بما أن أعضاء مجلس الشورى الموقرين موظفو دولة من الناحية العملية وموظفون عندنا من الناحية النظرية فإننا نطالب أيضا بقياس أدائهم، ولن نكون متشددين مثلهم ونطالب بمقارنة أداء عضو مجلس الشورى السعودي (مع مثيله في أفضل دول العالم أداء) لأننا نعلم أن ذلك كثير عليهم وإن لم يكن كثيرا علينا ولكن سنكتفي بقياس أدائهم ومقارنة الواحد منهم (أو الواحدة منهن) مقارنة مع مثيله في الدول النامية.

وأظن أن هذه المطالبة مشروعة بحيث يحمل أي مواطن ميزانا أو مترا و(يبسط) أمام المجلس الموقر ويقيس أداء أعضائه: ما الذي قدموه لنا؟، وما هو حجم التغيير الذي طرأ على حياتنا منذ أن تم تعيينهم؟، ماهي الإنجازات التي يشار إليها بالبنان التي يعتقدون أنهم حققوها؟، ما هي مواقفهم من القضايا التي تشغل الرأي العام؟، ولماذا لا يظهرون في وسائل الإعلام باعتبارهم ممثلي المجتمع فنحن لا نعرف الكثير منهم؟، ما هي الصورة المزدوجة للبلد التي يمكن أن يكتبوا عليها (قبل وبعد) كي نعرف كيف كانت قبلهم وكيف أضحت بعدهم؟!.

ولا يخفى على أحد أن من الأدوار الأساسية للمجلس قياس أداء المسؤول السعودي ومقارنته (مع مثيله في أفضل دول العالم أداء) ولكننا لا نريد أن نضيق واسعا على الأعضاء الكرام ونحملهم ما يفوق طاقتهم وسنكتفي بلعبة القياس المتبادل بيننا وبينهم لنعرف كم الطول اللازم للوصول إلى الملفات الموجودة في الرفوف العالية؟!، وما هو الوزن المناسب للمرور من الأبواب الضيقة؟!.

 

خلف الحربي

نقلا عن “عكاظ”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *