هيئة (نزيهة) للإشراف على (نزاهة)

سأختم مقالات الأسبوع بالهروب إلى خبر ثانوي شارد ولذيذ على الذائقة، ومتمنيا لكم نهاية أسبوع سعيدة. سأهرب بكم إلى الملاسنة اللذيذة ما بين هيئة مكافحة الفساد (نزاهة) وبين شركة الغاز. نزاهة تحذر شركة الغاز الوطنية من الخلل الإجرائي في العقود، وشركة الغاز ترد بصراحة أن لا دخل لـ”نزاهة” بعقودها وهيكلها الإداري. شركة الغاز تنظر وتتفاعل مع ما كان فيما مضى من “نزاهة” كاسم مخيف، وكأن (نزاهة) مجرد دكان على ناصية الشارع، و”نزاهة” في هذا الخبر المخجل لا ترى من كل قصة الفساد إلا (أسطوانة) الغاز على طريقة المثل (الموزمبيقي): اللي ما قدر على الأرنب يتشطر على الفار. تجاهلت (نزاهة) كل شيء في حياتنا اليومية من الفساد والإهمال. من الماء إلى الشارع والرصيف.. إلى المشفى ومباني الجامعة. من عقود التوريد المليارية إلى هوامير الأراضي البيضاء الشاسعة. من المدارس الوهمية إلى الأنفاق والكباري. تمخض جبل (نزاهة) فولد أسطوانة غاز مهملة في المتر الفاصل ما بين جدار منزلي ومنزل جاري العزيز.

نحن لسنا شعبا غبيا أختي الغالية (نزاهة): احتجت معك أيتها الأخت الغالية إلى عامين كي أهاتف مساعدي النواب الاثنين، مع الحلم المستحيل أن يشبكني الخط مع سعادة النائب كي أصل إليه بقصة فساد حقيقية مكتملة. أرسلت مندوبي إلى مكاتبهم فواجه هذا المندوب ألف باب مقفل كي يصل إلى سكرتير مدير مكتب سعادة المشرف العام على مكتب نائب الأخت الغالية (نزاهة). وأنا لا أجد أي حرج أبدا أن أكتب اليوم جملة صريحة واحدة: نحن بحاجة إلى هيئة جديدة للإشراف على كفاءة وعمل الأخت الغالية الكبرى (نزاهة). نحن بحاجة إلى (نزيهة) كي نصل إلى (نزاهة).

سأختم بهذه الصورة: حين جاءت إلينا الغالية الكبرى (نزاهة) إلى هذه المدينة اختارت لمكانها شقة مهملة فوق صالون حلاقة ومكتب عقار. يداوم موظفوها الكرام على شارع رسمي جوهري تحول إلى (مزلقان) رغم العقود والملايين. يقع مكتب الأخت الغالية (نزاهة) في قلب واحد من أهم وأكبر أحياء المدينة الذي تحول مع الوقت إلى شهادة إهمال وركن فضيحة مكتملة. وكل هذه الحقائق تقع تحت نافذة مكتبها وأمام عيون موظفيها. لكن (نزاهة) لم تر في حياتنا سوى أسطوانة الغاز في الزاوية المهملة من المنزل.

 

على الموسى

نقلا عن “الوطن”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *