هواجيس

مراقب البلدية.. والسمعة السلبية..!

طبيعة البشر مبنية على الفطرة.. فهي تذهب للطبيب لكي يعالجهم ويعطيهم الدواء أملاً في الشفاء.. وتذهب للمدرسة والجامعة للمعلم والدكتور لكي يعطيهم العلم النافع والمعرفة الشاملة أملاً في التخلص من الجهالة. وتذهب للشرطي لكي يحميهم ويساعدهم في التصدي للأشرار أملاً في التنعم بالأمان.. فلكل وظيفة مقاصدها وهذه سنة الحياة.

طوال الأشهر الماضية وأنا التقي بشباب وفتيات ممن اتخذوا التجارة سبيلاً للرزق عوضاً عن الوظيفة، فالدولة يسرت لهم كل سُبل النجاح من تأسيس هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة إلى تقديم العون اللازم، وبنك التنمية الاجتماعية لتوفير القروض الميسرة. كل هذا من أجل تحقيق رؤية السعودية 2030، والاهتمام بعنصر الشباب، وهو المكون الرئيسي في المجتمع.

ولكن جرت الرياح بما لا تشتهي السفن.. فأصبح مراقب البلدية بعبعاً يحمل في عتاده كل أنواع الغرامات وبعضها ينسف كل ربح حققوه في أعمالهم. الجهاز اللوحي بحوزته يطبق الغرامة دون نقاش أو حوار، فحالته المزاجية هي سيدة الموقف. فأصبح المراقب وكاميرا ساهر في الطريق متشابهين .. الهدف تحقيق إيرادات وفق مستهدفات محددة مسبقاً. نادرًا ما تجد أحدهم يسعى لتصويب الأخطاء ومساعدة أصحاب الأعمال في كيفية تجاوزها.

أحدهم اضطر أن يوفر فرص وظيفية لأربعة نساء مقابل ألا يستقعد له في كل شاردة وواردة في مطعمه. وهي قصة حضرت فصولها. ولكنها ليست مقياسا كي لا نظلم النزيهين وهم السواد الأعظم. وهناك من يسارع في تطبيق الغرامات بسبب وجود نسبة له في الغرامة. فهو “يترزق الله” على حساب شخص يريد أن يصبح تاجرًا صغيرًا، ويساهم في دعم الاقتصاد الوطني.

في جولة سريعة على معظم الحسابات الفرعية للبلديات التابعة لأمانات، تجد تغريداتهم وكأنها بيانات عسكرية، تم مخالفة، وتم القبض، وتم الحرز، وتم الإغلاق، وتم تحرير مخالفات .. كلها تنصب في فرد عضلات أكثر من تقديم توجيهات وإرشادات.. فالرسالة الإعلامية لوزارة الشؤون البلدية والقروية من خلال تلك المنصات تقول: ( احذر من مراقب البلدية البغيض) .. تعلموا من رسالة المديرية العامة للمخدرات في الثمانينات والتسعينات كانوا يكتبونها ( لا للمخدرات)، ولكنهم تعلموا كثيرًا وأصبحوا يكتبونها ( نعم للحياة) .

متى تكون رسالة الوزارة من خلال أفرعها ( المراقب عون لك.. فكن له معيناً) .. وقتها نقدر نقول هناك تغيير. ما يهمني أكثر المواطن الذي تورط بقروض من أجل أن يبقى على قيد الحياة.. فلا تميتوه من أجل تحقيق مستهدفاتكم المالية.. والله الموفق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *