هواجيس

التوحد في الجهاز الحكومي

في الثمانينيات والتسعينيات والألفية الأولى كان المواطنون يبحثون عن واسطة في الجريدة لنشر مشاكلهم ومعاناتهم مع بعض الأجهزة الحكومية الخدمية. فكانت عادة بيروقراطية ألا تنجز مشاكلهم إلا بعد إثارتها إعلامياً.. كان المواطن يعاني من ذلك الموظف الذي يسوف لهم ويحاول بمضض امتصاص غضبهم.. وهي وظيفته في ذلك الوقت.

وها نحن الآن في عصر الحكومة الرقمية وعصر العمل الحكومي المبني على مقاييس أداء وجودة إنجاز وسرعة مخرجات.. إلا أن بعض الأجهزة الحكومية الخدمية لا تزال تعاني من (التوحد). فالمواطن يرسل لهم نفس الشكاوي والطلبات عن طريق التطبيقات. وأصبحت البرمجيات هي ذلك الموظف الذي يعد بكل شيء دون إنجاز. فتجد تلك الرسائل تنهال عليك لتشعرك كم أنت مهم أيها المواطن.. وفي حقيقة الأمر هناك مبرمج شاطر قد كتبها لك مسبقاً.

التوحد هنا ياسادة.. أن المواطن آمن برؤية السعودية 2030 وارتفع سقف طموحاته، ولكن ذلك الجهاز لا يسمعه أو يشعر به، فهو مشغول إعلامياً بنشر صور ذلك المسؤول مع عناوين رنانه وجذابة.. حتى لو كان لديه اجتماع مع مجموعة النحل لمناقشة خطط إنتاج العسل سنوياً.. حتى أصبحت صورته مجرد رمزية لأي مشروع يتم الإعلان عنه.. وكأن تلك الإدارة تحولت إلى عيادة تجميل وجراحات بلاستيكية.

فالمواطن الآن أصبح يلجأ إلى “تويتر” .. ويلجأ للمشاهير في “تويتر” لنشر معاناته. أو الكتابة عن همومه ومتطلباته. حتى يصبح الموضوع “ترند” .. وهنا.. يذوب التوحد وتعود الطبيعة ويتم حل مشاكله. فأصبح “تويتر” لدى المواطن هو (طويل العمر) .. وهذا ما يجعلنا نقول وبصوت عال.. لنكافح التوحد في الأجهزة الحكومية..

ختاماً.. سوف يدور بك كرسي الرئاسة.. ويطوح بك بعيدًا.. فتنكسر فيك شيم الرجال وهمتهم.. وتفقد هويتك وقبولك في مجتمع الرجال.. فالتقاعد مقبرة المتخاذلين وجنة المخلصين.. الذين يذكرهم المجتمع وينشر سجاياهم.. أما أنت فستعود للتوحد في منزلك.. لن يذكرك أحد خارجه.. فالتوحد عادتك فليكن حياتك .. والله المستعان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *