حبر الأمة ومندوب داعش !!

كان الزميل/ «عمر بن أبي ربيعة» يقول الشعر في النساء (الحاجات تحديداً) لحاجة نفسيةٍ عذريةٍ شفافة، هذَّبها الترف لتمارس (الفن للفن)؛ مصداقاً لنظرية عمنا «طه حسين»؛ حيث يرى أن الشعر الحقيقي هو إنتاج الطبقة الأرستقراطية الثرية، (كالخليفة لليلةٍ واحدة/ «ابن المعتز»)، الذين تفرَّغوا للفن حقاً، ولم يشغلهم الجري وراء لقمة العيش عن تجويده، كما شغل الزميل البائس المتشائم (ابن الرومي)، الذي عرف بطول النفس في قصائده، لكنه لم يكتب أكثر من ثلاثة أبيات في (تميسةٍ مقمَّرة)؛ لأنه لمحها فقط ولم يطعمها:

ما أنسَ لا أنسَ خبَّازاً مررتُ به * يَدحو الرُّقَاقَةَ مثلَ اللمحِ بالبصرِ
ما بين رؤيتها في كفِّه كُرَةً
وبين رؤيتها قَوْرَاءَ كالقمرِ:
إلاَّ بمقدارِ ما تنداحُ دائرةٌ
في صفحةِ الماءِ يُرمى فيه بالحجرِ!!
ولهذا قال حين قُورن (بابن المعتز برضو): «كلٌّ يصف آنيةَ بيته»!

و(أبو الخطاب) يعي أنه فنان يصف (دميةً) أعجبته، ويعي الجميع حوله أن نيته سليمة «وليس له غير الكلامِ نصيبُ»، كما يقول، ومن تتطور علاقته (الشخصية) مع دميةٍ هو مريض نفسيٌّ يثير الشفقة! ولذلك كان ينتقيهن (ويتعرضن له) من (كبار الشخصيات) حسب شركة (الكرهب) ويقول:

وبنفسي ذواتُ خَلْقٍ عَمِيمٍ (مربربات يعني) * هُنَّ أهل البها، وأهلُ الحياءِ
قاطناتٌ دُورَ البلاطِ كرامٌ
لَسْنَ مِمَّن يَزُورُ في الظَّلماءِ!

ولذلك أيضاً لم يكن أحدٌ يستغرب جلوسه في صحن المسجد الحرام مع (عبدالله بن عباس)، الذي كان يطرب لشعره ويستزيده بقوله: إيه أبا الخطاب! إلا الزعيم الداعشي الشهير/ (نافع بن الأزرق)، الذي فوجئ بعمر ذات مرة عنده فقال: الله يا ابن عباس! نضرب إليك أكباد الإبل لنسألك في الحلال والحرام، وإذا بك تجلس مع هذا الفتى المترف الذي يقول: … وقرأ بيتاً خطأً لعمر، فصوَّب له (حبر الأمة) البيتَ وسمَّع له القصيدة كاملة! ثم أصغى إلى سؤال نافع: ما حكم من قتل (ذُبابةً) وهو محرم؟ فقال رضي الله عنه: عجباً لكم من خوارج! تستبيحون دماء الأبرياء، وتتورعون عن دم ذبابة؟!

 

محمد السحيمي

نقلا عن “مكة”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *