هل أزعجتك؟

دار بيني وبين أحد الزملاء الحوار التالي عبر تطبيق المحادثات الفورية (الواتساب):

  • الزميل: مساء الخير أخ عبدالله؟

– أنا: مساء النور.

  • الزميل: كيف أخبارك؟

– أنا: أبشرك بخير.

  • الزميل: كيف الأسرة؟

– أنا: في أحسن حال ولله الحمد.

  • الزميل: أرجو ألا أكون ضايقتك وأزعجتك بتواصلي معك في هذا التوقيت؟

– أنا: أبدا. تفضل سيدي الكريم.

  • الزميل: أشعر أنني ضايقتك حقا؟

– أنا: أبدا. يسعدني تواصلك.

  • الزميل: لكن تأخرت في الإجابة وحالتك في (الواتساب) أون لاين؟

– أنا: أعتذر ولكني منشغل في التواصل مع بعض زملائي بشأن موضوع يتعلق بالعمل.

  • الزميل: ألم أقل لك إنني ضايقتك وأزعجتك؟

– أنا: أبدا. تفضل، كيف أستطيع خدمتك.

  • الزميل: لا يهم. أتواصل معك في وقت آخر. الموضوع ليس ضروريا.

– أنا: آسف، لكن تمنيت خدمتك.

أعلاه، نموذج لحوار “واتسابي” يتكرر مرارا في حواراتنا اليومية بشكل أو آخر. يجعلنا نعيد النظر في طريقة التواصل مع زملائنا. فنحن بهذه الطريقة نمارس هدرا في الوقت والطاقة والمجهود دون أن نشعر. أرى أن نحارب هذا الأسلوب. وننحاز إلى المباشرة في حواراتنا النصية وحتى الشفهية. فالحوارات الفورية عبر التطبيقات المختلفة ليست حفلا خطابيا يحتاج إلى مقدمة وخاتمة. كل ما تتطلب هو تحية ثم الانتقال إلى المتن. إلى صلب الموضوع. من المناسب ألا نستعمل نظرية الاستجواب في سلوكياتنا الحوارية من خلال استهلال الحوار بسؤال. هو ليس اتصالا هاتفيا لتتأكد من ملاءمة الوقت والظرف. هو حوار سيطلع عليه ويجيب عنه الطرف الآخر حسب إمكاناته وتقديره. الاستدراج في الحوار ينهك زميلك ويشتته ويجعله يلوذ بالفرار من محادثتك في الوقت الراهن والمستقبل. دائما أردد على نفسي، “كن مباشرا في حوارك. أحشد أسئلتك واستفساراتك في سؤال واضح ودقيق؛ لتنال إجابة وافية ومكثفة. ضع ألف عذر لمن تخاطبه. فربما يكون محاصرا بأسئلة ومتطلبات من رئيسه في النافذة الأخرى التي لا تطل عليها وتشاهدها. قد يكون منشغلا في حوار أسري مهم. فلا تثقل عليه. حافظ على وقتك ووقته بالتقشف في الحوار. حالة (الأون لاين) لا يجب أن تخدعك. فإذا كان متاحا سيرد عليك، وإذا كان منهمكا في مهمة يراها أكثر أهمية من محادثتك سيرجئ الحديث معك وسيصافحك لاحقا. إذا أجابك فهو متاح وإذا لم يجب فهو غير ذلك. فلا تعقد الموضوع وهو بسيط. تخلى عن أسئلتك الاستجوابية حتى لا يتم التخلي عنك.

وكلما قلت رسائلك زاد الاهتمام بها. الإسراف في الرسائل سيقابله فتور في استقبالها.

تذكر أنك تراسل زميلا وليس صديقا. الصديق يعذرك، الزميل لا يفعل ذلك دائما.

ولا تنس يا صديقي أن من يسألك هذا السؤال في حواره النصي، “هل أزعجتك؟”، هو أزعجك فعلا.

د. عبد الله المغلوث

(الاقتصادية)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *