العودة إلى المدارس .. وعلاقة المعلم بالطالب

اليوم عودة الطلاب إلى مدارسهم.. ملايين الطلاب والطالبات في مختلف مناطق بلادنا، بعضهم يعودون إلى مدارسهم نفسها ومع زملائهم، وآخرون إلى مدارس جديدة وزملاء جدد أيضا.. دعواتي للجميع بالتوفيق وأعتذر عن استعمال عنوان “العودة إلى المدارس” الذي أصبح مرتبطا بإعلانات المكتبات ومحال الكماليات.. التي ما إن يبدأ العام حتى ترفع أسعارها في استقبال طلبات المدرسين والمدرسات غير المعقولة، أن يحضر الطالب والطالبة أنواعا معينة من الدفاتر أو الألوان أو حتى الملابس، ما يحمل أولياء الأمور فوق طاقتهم.. أما الشق الثاني من العنوان، وهو العلاقة بين المعلم والطالب، فهو ما أود التوسع فيه، فالمعلم هو أساس العملية التعليمية وقد كان له كامل الاحترام، ليس لأن الضرب كان مسموحا به كما يدعي بعضهم، بل لأن أولياء الأمور والمسؤولين عن التعليم يرسمون صورة محترمة له ويغرسونها في نفوس الأبناء.. ونتذكر في زماننا أساتذة كراما لم يضرب أي منهم طالبا أو حتى يرفع صوته، لكنهم يملكون من المهابة والاحترام الشيء الكثير.. وللحقيقة أيضا، فإن المدرسين أنفسهم في الزمن الجميل كان مظهرهم وتعاملهم يفرض الاحترام على طلابهم.. ثم تعاقب أجيال من المدرسين أيام الطفرة، يأتي الواحد منهم مشغولا ومهموما بأمور حياته وبارتفاع الأسهم وهبوطها، فلا يعتني بمظهره أو يحضّر الدرس الذي سيلقيه ويكون مثارا للسخرية أحيانا من طلابه، وصاحب ذلك أيضا إهمال الآباء لأبنائهم ووضع مسؤولية فشلهم كاملة على المدرسين.. ووصل الحد إلى تهجم بعض الآباء وبعض الطلاب أحيانا على المدرس قولا، وربما ضربا، دون حماية حقيقية من الجهة المسؤولة عن هذا المدرس.. وحتى من جانب الحوافز والتدريب لم يعد للمدرسين أي نصيب على عكس جميع موظفي الدولة.. وفي الفترة الأخيرة وضمن دراسات تقوم بها وزارة التعليم وضعت للمدرس مكانة تليق به من حيث الأهمية والمؤمل أن تؤدي إلى تحسين أوضاع المدرسين والمدرسات وأن تعيد لهم – وهذا هو المهم – الاحترام بينهم وبين الطلاب.. عن طريق الندوات واللقاءات وتحفيز من يظهر هذا الجانب من المدرسين ومن الطلاب. ولعل الجميع يتذكر ذلك المدرس الذي أنقذ طالبا عنده من جسم معدني سد حلقه وكاد أن يموت.. وبعد إنقاذه قام الطالب بتقبيل رأس مدرسه على مرأى من زملائه.

وأخيرا: هؤلاء الشباب هم ثروة بلادنا الحقيقية.. ليس البترول ولا أي ثروة أخرى، ولذا يجب المحافظة على هذه الثروة ليس فقط بتخريجهم من المراحل التعليمية المختلفة، إنما بالتأكد من سلامة صحتهم النفسية وسلامة علاقتهم بأساتذتهم وزملائهم الطلاب، وبالتالي علاقتهم بالمجتمع الذي يعيشون فيه بلا تطرف أو انحلال.. ولتجعل وزارة التعليم شعارها هذا العام وكل عام “الاحترام بين المعلم والطالب أساس العملية التعليمية الناجحة” مع تخصيص جائزة سنوية في كل منطقة تعليمية لأفضل معلم ولأفضل معلمة يحترمون طلابهم ويتبادلون التحيات والابتسامات معهم كل صباح ويشاركونهم النشاطات التي تنمي مواهبهم وتكتشف أي التخصصات أفضل لدراستهم الجامعية والعليا مستقبلا.

علي الشدي

(الاقتصادية)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *