لا تقللوا من شأن الرياضة

انتشرت في الأيام الماضية في وسائل التواصل الاجتماعي بمناسبة كأس العالم مقالة قصيرة بلا توقيع تشيد بآيسلندا تلك الجزيرة الصغيرة التي لا يزيد عدد سكانها كما قالت المقالة عن 340 ألف نسمة ومع هذا كانت الرابعة عالمياً على مستوى إنتاجية الفرد والرابعة عشرة ضمن الأكثر تقدماً، وكذالك – وهذا مربط الفرس – استطاعت الوصول لكأس العالم ومنافسة الكبار بلاعبين هواة غير محترفين منهم خمسة أطباء ومخرج سينمائي وموسيقار وسمسار عقارات.. وكل هذا كما ورد في المقالة بسبب جودة التعليم والصحة والعدالة والحرية والاستقرار.

ثم استخلصت المقالة من كل هذا رسالة قالت إن لاعبي تلك الدولة الصغيرة قدموها للعالم وهي أن كرة القدم مجرد لعبة لا تستحق التفرغ من أجلها ولا إنفاق الأموال الطائلة عليها ولا الفخر بالفوز في منافساتها  وإنما الفخر يكون بمستوى التعليم والصحة والعدالة والاقتصاد.

أظن أن الكاتب لم يستخدم العبارات الأسلم وهو يستخلص الرسالة فقال  (مجرد لعبة) و(لا تستحق) فجاءت رسالته لتقلل من شأن الرياضة وهذا غير سليم في رأيي إذ لا يعقل أن يكون هؤلاء الأطباء والفنانون والمحامون الذين كانوا يزاولون الرياضة باهتمام كبير في آيسلندا ووصلت مستوياتهم لتلك الدرجة التي أهلتهم لكأس العالم قد جاؤوا ممثلين لبلادهم ليقللوا من شأن الرياضة بل على العكس هم جاؤوا ليعظموا من شأنها لأن اهتمامهم الكبير بها يعطي دلالة قوية على أهميتها وعظم شأنها عندهم.

إذا كان هناك من رسالة يحملها هؤلاء الأطباء والمحامون والفنانون الرياضيون فهي الفخر برياضتهم والتأكيد القوي أن المجتمع في آيسلندا بكل فئاته يزاول الرياضة ولا تشغله عنها حتى المهام الكبيرة التي تستنفد الوقت والجهد كمهام الأطباء والمحامين.

ولا أتفق مع كاتب المقالة في مقارنته الرياضة مع التعليم والصحة والاقتصاد في الأهمية فالعلاقة بين الرياضة وتلك المجالات تكاملية أي أن الرياضة تعزز مستوى التعليم والصحة والاقتصاد بقدر عظمة فوائدها لصحة النفس والبدن وهذا هو ما حصل في آيسلندا.

ولأن تلك المقالة حظيت بإعجاب الكثيرين وتبادلوها في وسائل التواصل الاجتماعي على نطاق واسع فإني أحب القول لهؤلاء الإخوة الكرام لا تقللوا من شأن الرياضة كما فعلت تلك المقالة فجعلتها مجرد لعبة لا تستحق حتى الفخر بمزاولتها فهي بالغة الأهمية بمقدار أهمية لاعبي آيسلندا في مجتمعهم وأهميتها عندهم تلك الأهمية التي تكمن في ممارستها قبل مشاهدتها أو منافساتها فالمشاهدة والمنافسة وسيلتان للتحفيز والتشجيع على المزاولة فزاولوها وافتخروا أنكم رياضيون مثل أطباء آيسلندا.

د. عبدالله بن ناصر الفوزان

(الرياض)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *