ما بعد مترو الرياض؟

سألوا أينشتاين «لماذا أنت مهتم بالمستقبل» فأجاب «ببساطة لأنني ذاهب إلى هناك !»، بلا شك نحن ذاهبون للمستقبل وبرؤية 2030 نحن نسير بثبات وعزيمة، مترو الرياض ! مشروع الوطن الذي ينتظره الكبير قبل الصغير، وما يعقبه من تأثيرات بجوانب النقل والاقتصاد والمجتمع، جميع ذلك يدعوني كمتخصص أن أطرح هنا فكرة «مركز تشغيل وتطوير للدراسات المستقبلية للنقل»، يقوم هذا المركز على دراسة احتياجات النقل العام وتطوير وسائله، وتتبناه الجهات ذات الاختصاص.

لماذا نحتاج هذا المركز وما فكرته ؟ إن الحاجة لدراسة تأثير «مترو الرياض» وما بعده، ينبغي أن لا يكون أمرا اعتباطيا، بل هو من صميم قوته وذراع علمية اقتصادية تفسر للمسؤول الواقع والممكن والمأمول، هذا المشروع الذي تم تصميمه وإنشاؤه على أحدث التصاميم العالمية، وحسب ما صرحت سابقا الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض فإنه من المتوقع أن تكون نسبة الاستخدام اليومي للمترو 6.1 مليون مستخدم، وهو ما يشكل 20 %من إجمالي السكان مع العلم أن أعلى نسبة استخدام في العالم هي في لندن حيث تصل إلى 43 %بينما تنخفض إلى 2.7 %في دبي!

إن المفتاح الرئيسي لتغطية هذه التكهنات هو «تفعيل فلسفة نقل السياسات الحضرية»، وهي التي تهتم بطرق تحفيز الناس لاستخدام المترو والتنويه بالمحافظة على ثقافة المجتمع والخصوصية، وأيضا جذب الطلبة والموظفين والمتقاعدين والعوائل بخصومات معينة وطرح مقاعد مجانية ومخصصة للأطفال وكبار السن، والاهتمام باحتياج السيدات الحوامل والمرضى ببطاقات مخفضة وعملية، بالإضافة إلى الحد من استعمال السيارات الخاصة وإعادة تخطيط استعمالات الأراضي.

التفكير المستقبلي بما بعد المترو ضرورة ملحة، تقليصا للهدر وتجنبا لأي تقصير محتمل، كما أن من المهم أيضا تشجيع الدارسين على التخصص في مجال النقل والسياسات الحضرية خلال العشرة الأعوام القادمة سيدرك الجميع أهمية التفكير المستقبلي في ما يخص جانب النقل، حيث شاهدنا جميعا كيف انشغل الشارع المحلي بخبر رفع البنزين، وهو أمر له أبعاده وحاجته، لكن دور المختصين هنا هو طمأنة المجتمع بقرب توفر البديل وبأعلى المواصفات، ومهم أيضا تشجيع المدن الأخرى مستقبلا والتفكير لتفعيل «النقل العام».

جميع ما سبق، سيكون حبرا على ورق ما لم يتم تبني هذا التوجه الفلسفي وتفعيل ثقافة النقل من خلال الأبحاث والدراسات، ومن خلال وحدة مركزية هدفها فقط استشراف المستقبل، لتحقيق رؤية 2030 فالتحديات أمام النقل كبيرة أهمها الصورة النمطية السلبية تجاه النقل العام، قلة المراكز والدراسات المتخصصة فالهدف الإستراتيجي هنا تنويع وسائل النقل ومصادر التمويل للمشاريع وتعزيز قدرة النظام المروري وتحسين استقطاب القيادات الوطنية المتخصصة للميدان وتعزيز القيم والمهارات للعاملين بالميدان وتأسيس مؤشرات أداء مرتبطة بالأهداف الإستراتيجية تقيس النسب المتوقعة للمستفيدين ونقاط الجذب وتقسيمهم لفئات والمحك الحقيقي هو الفاعلية والكفاءة لفرق العمل وكلنا أمل بالمستقبل والقادم أفضل.

ماجد بن حباب الدلبحي

* َ دكتوراه في التخطيط العمراني وهندسة النقل ونقل السياسات الحضرية

(عكاظ)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *