ماذا ننتظر بعد صواريخ ليل الأحد؟

في مساء اليوم الذي بدأ فيه المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن مهمته أطلقت ميليشيا الحوثي 7 صواريخ بالستية باتجاه مناطق متفرقة في المملكة تم اعتراضها وتدميرها جميعا دون أضرار، وخرج عبدالملك الحوثي في قناته مهددا بإطلاق المزيد من الصواريخ المتطورة، وكعادتها سوف تنكر إيران التي تزود الميليشيا بالصواريخ والكوادر أي علاقة لها بالموضوع.

سبق أن فشل مبعوثان أمميان لحل أزمة اليمن بسبب تعنت عصابة الحوثي ورفضها التجاوب مع المبادرات المطروحة، ولكن من أسباب الفشل أيضا، بل من أهم الأسباب، تراخي مجلس الأمن في تعامله مع الميليشيا المتمردة وعدم إلزامها بالانصياع لقراره 2216 الصادر تحت البند السابع، والذي يعني تنفيذه باستخدام القوة إذا لزم الأمر، لكن شيئا من ذلك لم يحدث، ما شجع الحوثيين على استمرار عبثهم بمصير اليمن وشعبه المنكوب بهم، وتهديدهم للمملكة باستمرار إطلاق الصواريخ عليها، ومع وصول المبعوث الأممي الثالث أعلنت ميليشيا الحوثي للعالم ردها على الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمجتمع الدولي، وموقفها من مبادرات الحلول السياسية بإطلاق الصواريخ على المملكة في الوقت الذي ما زال فيه المبعوث موجودا في اليمن.

المسألة واضحة جدا منذ بداية إشراف الأمم المتحدة ومجلس الأمن على الملف اليمني وأسلوب التعامل معه إلى الآن، إذ يمكن الجزم بأنه لا توجد نية حقيقية لحسم الأزمة وإنهاء التمرد الحوثي، ونستطيع تأكيد ذلك من طبيعة أداء المبعوثين السابقين، وامتناع الأمم المتحدة اتخاذ إجراءات مهمة طلبها التحالف لمنع تزويد الحوثيين بالسلاح الذي يهدد به أمن المملكة، إضافة إلى تنكيله بالشعب اليمني. لقد مضى وقت طويل على صدور قرار مجلس الأمن مارس خلاله الحوثيون تصعيدا ً مستمرا ً لكن خطوة جادة لتنفيذ القرار أو حتى التلويح بتنفيذه لم ُتتخذ، فهل يمكننا بعد ذلك ومع هذه الحقائق التعويل على حل أممي أو الثقة في مجلس الأمن والاعتماد عليه.

لقد تم عرض حطام الصواريخ التي أطلقها الحوثيون في مقر الأمم المتحدة وسمعنا استنكار ممثلي المجتمع الدولي للميليشيا التي أطلقتها، لكن ذلك لم يدفع الجمعية ومجلس أمنها لاتخاذ خطوة عملية جادة، ومضت الأمور بتوجيه اتهامات للمملكة والتحالف من بعض الجهات بالمسؤولية عن الكارثة الإنسانية التي تحيق بالشعب اليمني، رغم كل ما تقدمه المملكة من مساعدات ضخمة من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية يقوم الحوثيون بالاستيلاء على كثير منها على مرأى ومسمع العالم والأمم المتحدة، ورغم دعم المملكة للخزينة اليمنية بالمليارات لإنقاذ الاقتصاد اليمني من الانهيار التام، ورغم حرص المملكة وتأكيدها على خيار الحل السياسي السلمي للأزمة اليمنية.

ولكن بعد كل ما حدث سابقا وما حدث ليل الأحد الماضي من إطلاق عدد غير مسبوق من الصواريخ على المملكة مع بداية مهمة المبعوث الأممي الجديد لم تعد القضية إعادة الشرعية إلى اليمن فقط، وإنما إنهاء التهديد الحوثي للمملكة وضمان أمنها وسلامتها بالطريقة التي تحقق ذلك، إذ إنه ليس منطقيا أن يستمر في عربدته تجاهنا ولا نقطع دابره انتظارا ً لنتائج جولات مبعوثين أمميين لم تزده إلا صلفا وجرأة علينا. وطالما استمر المجتمع الدولي وهيئاته ومنظماته ومجلس أمنه متراخيا مع إيران، منبع الإرهاب والفوضى في منطقتنا فإن من حق أي دولة متضررة منها مباشرة أو من وكلائها كعصابة الحوثي وغيرها الدفاع عن نفسها بالطريقة المناسبة، ولتذهب وعود الحلول الأممية التي لن تتحقق إلى الجحيم.

حمود أبو طالب

(عكاظ)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *