” حريـّة الإعلام الغربية ..!”
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
شهدت المجتمعات العربية مع بدايات القرن الماضي زخماً كبيراً في المصادر الإخبارية للإطلاع على أخبار العالم، من خلال بعض الإذاعات الأجنبية، فقد كانت إذاعة BBC العربية والتي بدأت البث باللغة العربية في عام 1938م مصدراً مهما للوقوف على أخبار ومستجدات الحرب العالمية الثانية بين مؤيد لدول الحلفاء وآخر لدول المحور، ونتيجة لذلك التواجد كان لابد من وجود صوت عربي ينقل للأمة واقع الحال من المحيط إلى الخليج خاصة مع بداية إنطلاقة ” صوت العرب ” عام 1954م والتي أسست جماهيرية عريضة خاصة بعد أن تعلقت أفئدة المتابعين بالإذاعة، لحقت بهذه الإذاعة ” إذاعة الشرق الأوسط ” في العام 1964م وكان هذا نتيجة لدخول شرائح أكبر في المتابعات الإذاعية .
تلك المقدمة للإذاعات ليس لتأريخ الإذاعة أو التعريف بها أو بتأريخ بثها، إن مايجعلني أسوق تلك المعلومات هو، أن المستمع العربي مازال يئن تحت وطأة “التشكيك بالمصداقية العربية” من خلال البحث عن مصدر الخبر من خارج الوطن العربي، حتى وإن كان الناطقون بتلك الإذاعة الأجنبية هم عرب يحملون الجينات العربية كاملة، وليس لهم من المهجر سوى الاسم .
في صحفنا أيضاً نجد نفس المعضلة؛ إذ أن المقالات الأجنبية التي تطالعنا بها الصحف بين الحين والآخر لكتاب أجانب هي محاولة لطرح رؤية أوضح للأحداث بعيون أجنبية بعيدة عن المحاباة – كما نزعم – بالرغم من أن الحرية تكاد تكون معدومة في بعض حالاتها حتى في دولة مثل ” فنلدا، هولندا، آيسلندا، النريج، أوالدنمارك مثلاً وهي التي على رأس قائمة ” حرية الصحافة ” في العالم حسب تقرير ” منظمة مراسلون بلا حدود ” للعام 2004م، فهذه الدول تبقى مرهونة بأولويات لايمكن أن تـُقصيها، وخطوط حمراء لايمكن أن تتجاوزها حتى وإن تغنـّت بالحرية المـُطلقة، ويكفي أن تكتب مقالاً يشكك بالمحرقة اليهودية ” الهولوكوست ” ليرتد إليك الرد سريعاً – أننا لانساعد على العنصرية ومعاداة السامية ..!! – وما ” روجيه جارودي ” ببعيد عن هذا المعترك عندما شكـّك بالمحرقة من خلال كتاباته، فقامت قيامة اليهود في العالم حتى أن دول مثل فرنسا وألمانيا أصدرت قوانين خاصة للوقوف في وجه كل مشكك في ” الهولوكوست ” وقد أصدرت فرنسا مثلا ما يعرف بقانون فابيوس ـ جيسو» الصادر استثنائياً في العام 1990، وهو يقضي بمعاقبة من ينكر محرقة النازيين لليهود (في غرف الغاز)، وفق قرار محكمة نورمبرغ لمجرمي الحرب، بالحبس لمدة سنة، بالإضافة الى غرامة مالية قيمتها ثلاثمائة الف فرنك فرنسي ..! كما أصدرت ألمانيا قانونا عام 1993 حظرت فيه إنكار المحرقة. ويحكم على مرتكب إنكار المحرقة بالسجن لمدة 5 سنوات ..! ونجد مثيلاً لهذه القوانين تطبق في كثير من البلدان الاوروبية والامريكية وحتى الأفريقية .
ما أود الإشارة إليه في هذه الأسطر هو ، أن ليس كل مايأتينا من الغرب يكون مختوماً بالشفافية والصدق وكما أن لدينا ” محاذير واعتبارات ” سياسية واجتماعية لديهم مايقابلها، وكما أن لدينا كتب تـُمنع في مكتباتنا لديهم أيضاً كتب محظورة من البيع أو التداول وربما يقع من تكون بحوزته بعقاب أشد مما نسمع أو نقرأ عنه في بعض الدول العربية، فالمسألة بنهايتها مسألة أولويات وإعتبارات ومصالح تدير دفة الإعلام كاملة نحو رغباتها وميولها.
عبدالله العييدي
الدمام aloyaidi@gmail.com