“علموني أسبح”..(1)

يقول صاحبي “حالي كحال كل الآباء ما إن تأتي إجازة الصيف حتى ينتابني الخوف على أبنائي من مخاطر أوقات الفراغ الهائلة، خصوصاً أن الأطفال والشباب من سن 12 إلى 20 سنة تقريباً فئات مستهدفة من قبل شركات التبغ ومشروبات الطاقة ومروجي المخدرات بكافة أنواعها، ولكوننا بلدا ثريا فإن نسبة تورط أطفالنا وشبابنا بما هو ضار أمر محتمل بشكل كبير ما لم نتحمل مسؤولياتنا كأولياء أمور ونخطط لهم استثمار أوقات فراغهم بما هو مفيد ونتحمل تكاليف ذلك من مال ووقت وجهد”.
بطبيعة الحال ولكون أبنائنا بإجازة من الدراسة فهم يبحثون عن المتعة والترفيه وهنا مكمن الخطر ذلك إذا لم نمكنهم من المتعة والترفيه بما هو مفيد أو مباح، على أقل تقدير سيتقدم غيرنا ليقدم لهم المتعة والترفيه بما لا تحمد عقباه كمشروبات الطاقة عالية المخاطر أو السجائر أو المخدرات أو العادات السيئة كالتفحيط بالسيارات والتجمهر إلى غير ذلك من المخاطر.
نشرت إحدى الصحف أن الاتحاد السعودي للسباحة، ممثلا بالمشروع الوطني لتطوير الألعاب المائية أطلق برنامجا رياضيا تحت شعار “علموني أسبح” بمعظم منشآت السباحة بالمدن الرياضية المنتشرة في مناطق السعودية، انطلاقاً من مسؤوليته الاجتماعية تجاه الشباب لتمكينهم من قضاء أوقات ممتعة ومفيدة بتعلم السباحة لمحو أميتها وتنمية مهاراتهم في ألعابها.
سرني الخبر خصوصاً أن الخبر أوضح أن السباحة رياضة مائية ترفيهية تشكل أحد أهم وسائل سلامة الأطفال والشباب من مخاطر الغرق وأوقات الفراغ وأمراض العصر من ناحية، كما تلعب دورا كبيرا في تنميتهم تربوياً وصحياً ونفسياً ورياضياً من ناحية أخرى.
ورغم سروري لفت نظري اسم البرنامج حيث يوحي بشيء من السلبية لكون الابن لا يبادر بتعلم السباحة من ذاته بل يقول “علموني أسبح”، الأمر الذي دعاني للتواصل مع أحد المسؤولين عن البرنامج لاستيضاح ذلك منه، حيث قلب فكرتي رأساً على عقب.
نعم حيث قال لي إن قرار تعليم الأطفال والشباب السباحة قرار الوالدين والوالدة على وجه الخصوص، وذلك من خبرتنا في إدارة منشآت السباحة، مؤكداً أن الطفل أو الشاب لا حيلة لديه، فالأمر يتطلب شيئاً من المال كما يتطلب وسيلة نقل ومتابعة كما يتطلب تحمل الوالدين مسؤوليتهما بالبحث عن المكان الملائم لتعليمه السباحة.
يضيف هذا المسؤول لإيضاح لماذا مسمى “علموني أسبح” أنه نصح والد أحد الأبناء بتعليم ابنه السباحة لما لها من أهمية كبرى في سلامة ابنه من مخاطر الغرق، حيث تنتشر المسابح في المنازل والاستراحات إضافة لمخاطر المسطحات المائية العامة كالشواطئ والبرك التي تنشأ عن الأمطار إلا أن الوالد لم يأخذ بالنصيحة وبعد حوالي شهر، وللأسف الشديد، عزيته في ابنه الذي غرق في مسبح الجيران.
ما قاله هذا المسؤول والحادثة التي رواها لي جعلني أفكر بطرح فكرة أوسع سأتناولها في المقالة القادمة وما حفزني على ذلك بشكل أكبر مضمون ما صرح به رئيس الاتحاد الأمير عبدالعزيز بن فهد فيما سبق “أن محو أمية السباحة وتنمية مهارتها لدى الأطفال والشباب مسؤولية مجتمع وليست مسؤولية اتحاد السباحة فقط وأن الاتحاد يعمل بكل ما أوتي من إمكانات لتحفيز المجتمع ومؤسساته لمحو أمية السباحة في المملكة العربية السعودية.
طارق إبراهيم

نقلا عن (الوطن)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *