البلادة ترسّخ العادة ..!

العَادة رُوتين يَومي؛ يَكتسبه الإنسَان مَع الوَقت، ويَتمكّن مِنه حتَّى يُصبح طَبيعة ثَانية، فالأشيَاء -مَع مرُور الوَقت- تَتحكَّم بالإنسَان، وتُصبح مِن عَادَاته، وقَد قَال أَهلُنَا في الحِجَاز: (كُلُّ شَيءٍ عَادَة حتَّى العِبَادَة)..!

والعَادَة -بحَدِّ ذَاتها- لَيست عَيباً؛ إذَا كَانت عَادَة حَميدَة، ولَكن مُشكلة العَادَة الكُبرَى؛ حِين تَكون عَادَة سيّئة، لأنَّه يَصعب التَّخلُّص مِنهَا، إذَا تَمكّنت مِن الإنسَان..!

والغَريب في العَادَة، أنَّها سَهلة التَّمكُّن، صَعبة الإزَالَة، وفي ذَلك يَقول الشَّاعِر القروي:

فَلَمْ أَرَ كَالعَادَاتِ شَيْئاً بِنَاؤُهُ
يَسِيرٌ وَأَمَّا هَدْمُهُ فَعَسِيرُ

إنَّ لكُلِّ زَمانٍ عَادَاتَه، والعَادَات هي التي تَصنع الإنسَان، وتَتحكَّم في المُجتَمع، لذَلك قِيل منذ زمنٍ سحيق: (العَادَة قَانون غَير مَكتُوب)..!

إنَّ العَادَة مِن صُنع إرَادَتنا، لذَلك يَجب أنْ نُحسن اختيَار عَادَاتنا، وقَد انتَبَه إلَى ذَلك أحد الفلاسفة، حَيثُ يَقول: (نمِّ في نَفسِكَ العَادَات، واحْبِب التي تَرغب في أنْ تَكون سيّدة عَليك).. نَعم نمِّ العَادَات الحَسَنَة، لأنَّ العَادة –كَما أَشَرْت- مَع الوَقت تُصبح طَبيعة ثَانية..!

كُلُّ شَيءٍ جَديد تَفعله مَع مرُور الوَقت؛ يَتحوَّل إلَى عَادَة، فأنتَ مَثلاً إذَا جرَّبتَ أنْ تَشرب سِيجَارة، فهَذا “تَجريب”، ولَكنَّه يَوماً بَعد يَوم سيَتحوَّل إلَى “عَادَة”؛ لا يُمكن التَّخلُّص مِنها، حتَّى تُصبح أَسيراً للسِّيجَارة، بحَيثُ تَبحث عَنها، وتَبحَث عَن المَكَان الذي مِن المُمكن أنْ تَجدها فِيهِ، أو تَشربها فِيهِ..!

حَسناً.. مَاذا بَقي؟!

بَقي الإشَارة إلَى أنَّني أُؤمن بالمَثَل الرُّوسي القَائِل: (في وسع المَرء أنْ يُعوّد نَفسه عَلى كُلّ شَيء، حتَّى عَلى الجَحيم)..!!!

أحمد العرفج

نقلا عن “المدينة”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *