خلال رمضان.. عبادة مؤقتة أم نفاق؟!

حسب التقويم الهجري فلدينا 55 يوما غير الايام العشرة التي نتحرى فيها ليلة القدر، ولدينا 360 يوما غير الليالي الفردية التي يتوقع أن يكون أحدها بإذن الله ليلة القدر، فلماذا لا نندفع صدقة وعبادة ورجاء وتأملا ونزيد اعتكافا ودعاء وقرأنا متصلا إلا خلالها.

فهل ديننا وقتي لا يصلح إلا خلال أيام معدودات؟ هذا هو السؤال الذي تراءى لي، لكني لا أنكر أن الاستزادة من العبادات والأفعال التي تقرب من الله خيرا وبركة في رمضان وغيره، ولا أخشى حين أقول إننا من صنع أياما للعبادة، وكأني بمن يفعلها كمثل أولئك العرب الذي فرض السفر تلاقينا معهم حينما ناداهم أحدنا للصلاة أكدوا جميعا أنهم يصلون الجمعة فقط وهي ما يرونه لزاما عليهم.. وكأن الدين انتقائي تختار الأيام التي تريدها وتفصل طلباتك وعباداتك على الموسم الذي ترتاح له.

رمضان شهر مبارك وفضيل وليلة القدر أعظم ليلة وكل يتمناها، لكن ما نلحظه من بعض الدعاة والمشايخ استهدافا كأنه يلغي باقي السنة، وهو ما جعل من شباب سعوديين كُثر في فكرهم كما أبناء بعض العرب ممن ذكرناهم، العبادة والرجاء والقرآن في رمضان فقط، قد لا يكون مثل هؤلاء الدعاة يحسنون التوجيه.. لكن للأسف هم قادة العمل الدعوي ومن يؤثر أكبر في عقول الشباب؟!.

نقول إن رب رمضان هو رب العشر الأواخر.. ورب العام كله والدين المعاملة وحسن الخلق وليس من الجدير أن يختصر بأيام معدودات للصدقة كقول أحد الدعاة المشهورين “قبل أيام” تصدق كل يوم بريال خلال العشر الأواخر لتضمن أن صدقتك مقبولة.. وهل هذا يعني أن صدقته في غير ليلة القدر غير مقبولة، وإن كنت لست ضليعا فقهيا، لكن منطقيا وإنسانيا في ذلك جور على الأيام الأخرى من السنة فالله يعبد في كل وقت وكل حين وحتى أيام الأعياد والفرح والأحزان ومن بطن الحوت وفي السموات السبع والأراضين السبع.

ما نلحظه عبر البرامج ومواقع التواصل والفتاوى المتناثرة أن هناك ممن لم يحسنوا نقل الرسالة الأخلاقية العظيمة التي يقوم عليها الإسلام كدين عمل وعبادة وخلق رفيع طوال العام ونسأل مثل هؤلاء بأن هناك من يعبد الله تعالى في رمضان ظنًّا منه أنه شهر قبول الأعمال وشهر العبادة والطاعات أما بعد رمضان فلا، فهلا أسعفونا لكي نصحح هذا المفهوم؟.. ومن جراء ذلك لن أخجل كي أقول أن لدينا في السعودية من هم “مسلمو رمضان” فقط لا يزورون المساجد إلا خلالها يتركون المحرمات والمخلّات خلاله، ويعودون إليها بعد انتهائه، ولسنا في محل تقييمهم ولا يجوز لنا عتابهم بل نثني عليهم ونشجعهم لتواضعهم بين يدي الله ولو شهر واحد في السنة ولعله يكون بداية خير عليهم.

السؤال الأهم في هذا السياق.. هل ما يحدث خلل في الناس أنفسهم.. أم خلل في الخطاب الذي يتلقونه؟.. وهل هذا الخطاب مبني على نوع من العبادة، أستطيع أن أقول عنه أنه “ترسيخ العبادة الوقتية” وإهمال غيرها، مصيبتنا أولئك الذين ربطوا العمل كله بليلة القدر وحصروه في المسجد خلال رمضان فقط وغيبوا ما غيره، لم يخاطبوا العقول، إن رضا الوالدين وترك المحرمات وحسن الخلق سبيل إلى القبول من رب العالمين، وليس ربطها فقط بصدقة وصلاة خلال أيام رمضان.

الأهم في القول إن الله يُعبد في كل زمان ومكان وليس خلال شهر تمر أيامه ويأتي غيره؟!.

(مساعد العصيمي – الرياض)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *