نقول ما لا نفعل

تردك رسالة بالواتس أب تتضمّن قيمةً عالية لمكارم الأخلاق تعجبك أيّما اعجاب لتقومَ حالًا بإعادة إرسالها فرحًا بالقيمة الإنسانيّة التي تحملها هذه الرسالة.
هذا أمرٌ رائع جدّا . فمشاركة الناس في الرسائل ، أو المقاطع ذات المعاني العالية التي تحث على مكارم الأخلاق بشتى أنواعها أمرٌ محمود.
هل مجرّد الإرسال ، وحسْب لتلك الرسائل بشتى أنواعها كافٍ ؟
بمعنى حتى لو لم تكن تقوم بما تتضمنه تلك الرسائل .
من وجهة نظر خاصة أرى أن هذا أمرٌ جميل أن تنشر ، وتساعد بتأصيل ، وتوصيل كل تلك المعاني العالية لأكبر شريحة . حتى لو لم تكن ممّن يقوم بهذا الأمر .
ولكن من باب الصدق مع النفس ، ومع الناس يجب أن تكون من أولئك الذين يؤمنون بأهميّة تلك الرسائل ، ويعملون بمقتضاها ليمثّل ذلك مصداقيةً أكبر ، وأنّ هذا الأمر يمثّل سلوكك إن لم يكن دائمًا ، فعلى الأقل غالبًا . وهذا الأمر يجعل من الرسالة ذات قيمة أكبر ، وأصدق.
مالاحظته شخصيًّا ، ومن خلال قراءات كثيرة أن هناك الكثير ، والكثير من كل تلك الرسائل ذات المعاني العالية لاتمثّل في الغالب سلوك مرسليها ، ليس ذلك فحسب ، بل هناك شريحة كبيرة سلوكهم ، وعملهم عكس ماتحمله كل تلك الرسائل القيّمة .
ولأكون واضحًا ، وصريحًا القليل للأسف من مرسلي تلك الرسائل ذات المعاني السامية ، والقيم الأصيلة ، والثمينة تجزم في الحال أنها تنطبق على سلوكياتهم بمعنى أنهم يؤمنون بها ، ويعملون بمقتضاها ، لدرجة أن تتخيل صورة المرسل في مخيّلتك ، وتصدّق في الحال أنها تتناغم مع سلوكياته ، وتتماهى مع سيرته التي تعرفها عنه من خلال التجربة ، أو سواها.
والأسئلة الهامّة في هذا الشأن :
هل اكتفينا فقط بنشر مثل تلك القيم العالية ، وليس مهمًّا أن نعمل بمقتضاها؟
هل يمثّل لك مصدر الرسالة ( المرسل هنا) حال استلامك لمثل تلك الرسائل التوعوية الرائعة ، وبخاصة تلك التي تلامس الجوانب الدينية ، والإنسانية ، استفسارًا مّا ؟ أم أنّ هذه حساسية ينبغي عليك أن تستبعدها من مخيّلتك؟
هل هذان السؤالان يدوران في مخيلة كل مستقبلي مثل تلك الرسائل الهادفة؟
وحتى أصل لما أردت الإضاءة عليه ، أننا كبشر في الغالب لنا أخطاؤنا التي لاتعدُّ ، ولاتُحصى ، وأننا نؤمن بكثير من القيم ، والأخلاقيات ولانقوم بها كما يجب ، وأننا نعاني من القصور في جوانب شتّى ، وهذه طبيعة بشرية .
ولكن الأمر الغريب ، والملاحظ ، والذي دعاني لكتابة هذه السطور ملاحظة كثرة الرسائل القيّمة التي تحث على مكارم الأخلاق ، وتتضمن معاني إنسانية عالية بكافة أنواعها يتم تداولها بكثرة حتى امتلأت أجهزتنا الذكية بها ، ومن خلالها ينطبع في فؤادك أن هذا المجتمع
مجتمعٌ إنسانيٌّ خلاّق ، يكفل بعضه بعضًا .
وإن تمعّنت في الغالب تجدها رسائل مجانية وحسب ، لاتمثّل السلوك المشاهد .
والشيء بالشيء يذكر ، عبّرت عنه طرفةً وردت في أحد الرسائل تحاكي هذا السلوك وهي :
أن شخصًا مّا ( وكثيرٌ من هم على شاكلته أعجبه بيتًا من الشعر ( لا أعرف قائله) يردد شيلةً تقول:
((ياما عطينا وماحسبنا عطانا
وياما خذينا من الزمان التجاريب))
يتغنى بها دائمًا ، وكأنها تمثّل سلوكه في العطاء ،
( ولو طلبته شاحن جوّال يملكه رفض ذلك).
(نصار العنزي)

ردان على “نقول ما لا نفعل”

  1. يقول متعب العنزي:

    كعادتك متألق بطرحك و مقالاتك و مناقشتك لوضعنا الذي بالفعل نعيشه بكل مراره فالكثير منا يكون لك اسلوب و شخصيه يزالوها اثناء استخدام برامج التواصل الاجتماعي في المقبال بعض من هولا لا يحمل أي من الصفات تلك التي يستخدم في تأنيب الضمير او النصحيه ولكن فقط لمجرد انها رسائل الالكترونيه فقط لجذب اعجاب المستقبل لهذه الرسائل. بل كثر مننا للأسف يقولون ما لا يفعلون و عند مناقشتك له يكون الرد ( مو شرط كل شي ارسله يمثلني) لماذا لا يكون الشخص اكثر مصداقيه مع النفس أي ما لا اقتنع به لا انشر او ما لا يمثلني بحياتي الطبيعيه ايضاً لا اكون في انفصام شخصي اعيشه بين برامج التواصل و حياتي الطبيعيه. في الاخير اشكر لك جراتك بطرح و مقالك الذي وضع يدك على الجرح الذي بالفعل نعيشه و نعاني منه ( نقول ما لا نفعل )

  2. يقول ابو محمد:

    مقال جداً جداً رائع ..دائماً مبدع ?

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *