حتى تصل للشك بنيتك وعملك

يقول: بحسن نية، وسوء نيّة، يجلدونك بانتقاداتهم كلّما لاحت لك فرصة مّا بطرح، ومناقشة موضوعٍ فيه عمل خيري، يفرّج كربة محتاج، أو يخفف معاناة محتاجين يشكون العَوزَ، والفاقة.

تعمل بأناةٍ، وتنظيم، وتعمل بأمانةٍ، وتصميم يحدوك الأمل، بتحقيق نجاحات تأخذ بأيدي المعوزين، والمحتاجين فتطالك الإتّهامات، وتحول حولك التساؤلات، أقلّها الدخول بالنوايا التي لايعلمها إلاّ الله.

من المعلوم أنّ نجاح الأعمال الخيرية _أيًّا كان نوعها، وهدفها_ لايتحقق إلاّ من خلال عمل جماعي متكامل الأركان، ضمن أعضائه من يجيد التخطيط لهذه الفكرة لتأخذ المسار الصحيح، وِفْقَ رؤى تتلائم معها، وضمن الفريق من يقوم بدور رجل العلاقات العامة النشط بطرح الفكرة وتمريرها على كافة الشرائح بأساليب، وطرق متعددة، وأيضًا من المهم أن يكون ضمن هذا الفريق أشخاصٌ تعطي أسماؤهم قبولًا، ومصداقية للعمل، لدى عدد من أفراد المجتمع، اقتناعهم بالفكرة، وايمانهم بأهمية، وضرورة العمل بها، ونشر ذلك بين الأقارب، أو الأصدقاء، أو كل من يعنى بذلك للقيام بهذا العمل، يأخذ العمل إلى الأمام، حتى ولو لم يكن عملهم إلا قولهم: سيروا نحن ضمن الرّكب.

إذًا مثل هذه الأعمال الخيرية كبُرت، أم صغُرت لابدّ أن يكون بناؤها سليمًا، منذ أن تقدح الفكرة حتى القيام بتنفيذها، مرورًا بالتخطيط، والتنفيذ، والمراقبة ، حتى الوصول للهدف.

ينجح العمل بفضل الله، ثمّ بدعوات المعوزين، وصدق المخلصين، وجهود المؤمنين بأهميّة هذا العمل الخيري.

في هذه الأثناء، والعمل الخيري يؤتي ثماره، وتطوله مابين الفينة، والفينة بعض العوائق التي تعطل تحقيق أهدافه المنشودة حسب المأمول. وتظلّ القلوب السليمة، والنوايا الحسنة، والأيادي البيضاء تعمل بأناةٍ، وتؤدة. لسانُ حالها يقول: قليلٌ دائم أفضل من العدم.

ويتابع قائلًا: تحاول أن تسدَّ رتقًا هنا، وخللًا هناك. تبذل الوقت مع ذات المجموعة من الأكفاء المخلصين يحوطكم الأمل بأن المضيّ في الأعمال الخيرية يحتاج لجهود مضاعفة، وأنّ أيّ عمل مهما كان بسيطًا من الطبيعي أن تقابله بعض العوائق، والصعوبات التي تحول دون نجاحه حسب الأهداف التي تم التخطيط، والتنظيم للوصول إليها.

ويتابع كلامه قائلًا: ليست الصعوبة في مثل هذه الأعمال الخيريّة وجود الصعوبات التي ينبغي على الفريق الناجح تخطّيها، وتجاوزها، فطريق النجاح في أي عمل _وبخاصةتلك الأعمال ذات الأهداف الكبيرة_ ليس مفروشًا بالورود.

والفريق أغلبه مؤمن بأهمية العمل الخيري. إلاّ أنه يتفاوت في كيفية تخطي بعض الصعوبات وهذا أمرٌ طبيعي لاختلاف وجهات النظر بكيفية حلّ بعض الصعوبات، وتجاوز بعض الهنّات التي تطاله بعض الأوقات.

وأيضًا ليست الصعوبة في حدوث بعض الإختلافات في وجهات النظر بين بعض أعضاء الفريق والتي تؤثر على مسار العمل الخيري وتؤدي إلى الإنسحاب من العمل لتعذّر امكانية الشرح، والتفسير، والتعليل لبعض الإشكالات، وطريقةحلّها، فالعمل الكبير الذي لايخضع لقوانين، وأنظمة ملزمة غالبًا مايمرّ بمثل هذه الحالات نظرًا لكثرة الأعداد، وصعوبة الإجتماعات لجسرِ بعض الهوّات التي تحدث في بعض الأحيان. إلاّ أن العمل يسير قدمًا، رغم هذه التعثّرات.

أمّا الصعوبات التي لايمكنك تخطّيها فهي تلك التي تأتيك من الخفاء، وتشعلهاالقلوب التي يسكنها سوء الظّن، والشّك في كل شيء، وعدم الوضوح، وتظل تعمل في الظلام لتعطيل الأعمال الخيرية.

ويزيد صعوبتها أنك لاترى في هذا المشهد التشاؤمي من تستطيع مناقشته لتقنعه، أو يقنعك. رغم أن الأمور واضحة جليّة كالشمس في رابعة النهار لا تحتاج لإثبات نجاحها، ولا تحتاج لأدلة لإيضاح ثمراتها، ومآلاتها التي تمسح دمعة محتاج، وتفرّج كربة معسور، وتفتح أملًا ولو بسيطاً أمام من ضاقت أمامه الطرق.

ويختم قائلًا في مثل هذه الأثناء، رغم أنك تعلم علم اليقين أنك تسير في طريق يحفّه الخير بإذن الله. وتظل تطلب من الله العون، والسداد، والصبر في مواصلة السير في دروب مكارم الأخلاق. الاّ أنك تختنق حين يطالك الإتهام حين يدخلون في النوايا حتى تصل للشك بنواياك.

يقول ابن القيّم: (والله إنّ العبد ليصعب عليه معرفة نيته في عمله، فكيف يتسلّط على نيّات الخلق).

والله من وراء القصد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *