المتشفّون بوفاة الوابلي
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
لم تكن وفاة الدكتور عبدالرحمن الوابلي أول وفاة تكشف عن حجم التناقض الذي يعيشه كثير منا، سواء كانوا كتابا أو دعاة أو مفكرين، وسواء تم تصنيفهم على أنهم محافظون أو مجددون، ذلك أن كثيرا ممن لا يفتأون يرددون «اذكروا محاسن موتاكم» لا يجدون في وفاة هذا الكاتب أو المفكر أو الصحفي إلا مناسبة للتعبير عما يعتلج في نفوسهم من حقد عليه ربما كانوا يتكتمون عليه خشية منه وتصفية حساب معه يعرفون أنه لم يعد قادرا على محاسبتهم عليه، ولا يجدون حرجا في ذمه والنيل منه في موقف كان النبل والخلق الرفيع يوجب عليهم طلب الرحمة له وسؤال الله أن يعوضه بالجنة ويعوض ذويه بالصبر.
وفاة الدكتور الوابلي كشفت أن هناك من يرى الموت مناسبة للتشفي من خصومه فلا يتعظ بموت ولا تردعه معرفته أنه سيمضي قريبا أو بعيدا للمصير نفسه تاركا وراءه من يطلب الرحمة له أو يستنزل عليه رغم موته اللعنات عليه.
توفي الدكتور الوابلي (رحمه الله) ففقدنا أستاذا في التاريخ كان مؤتمنا على تعليم القطاع العسكري عظمة تاريخنا، وفقدنا كاتبا كانت مقالاته تشكل لبنات في جدار الوطنية الصلب تزيده عزما وقوة، توفي ومضى إلى رحمة الله ولم يتذكر خصومه منه إلا تلك الحلقات التي كتبها لمسلسل «طاش ما طاش» ومسلسل «سلفي» والتي عرى فيها تشدد المتشددين وإرهاب الإرهابيين وخطر المتطرفين، ولما كان ما قام به ينكأ جراح من في قلوبهم ميل للتطرف وشفقة على المتشددين وقبولا لما يفعله الإرهابيون وجدوا في وفاته الفرصة الملائمة لكي يعبروا عما يكنونه في أنفسهم من حقد عليه جاءتهم فرصة موته كي يعبروا عنه.
الوابلي فضح هؤلاء في حياته وها هو يفضحهم بمماته، يعريهم مما يحاولون التستر به فتأبى الحقيقة إلا أن تظهر ويأبى الحق إلا أن يكشف تناقضهم بين حديثهم عن ذكر محاسن الموتى وتشفيهم بإلصاق المساوئ بمن لا يحبون متناسين قول المعري:
لا تظلموا الموتى وإن طال المدى
إني أخاف عليكمو أن تلتقوا
سعيد السريحي
نقلا عن “عكاظ”