إعلامنا الذي لا يخدمنا

في خطوة ضرورية ومهمة جدا دشن الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز حضوره الإعلامي الخارجي باللقاء الذي أجرته معه الإيكونومست. كان قد حضر داخليا بتميز خلال مؤتمر إعلامي بعد ورشة عمل برنامج التحول الوطني، لكننا كنا نتطلع إلى حديث شامل منه بصفته المسؤول الذي يدير ملفات في غاية الأهمية والحساسية. في الداخل هناك الكثير من التساؤلات حول مستجدات في مجالات عديدة، وفي الخارج هناك الكثير من التحليلات والتكهنات بعضها هدفه إقلاق الداخل وبث صورة شديدة السلبية للعالم عن أوضاعنا. جاء حوار الأمير في التوقيت المناسب بعد موضوع إعدام الجناة الـ47 المدانين بجرائم ضد الوطن وما أثير حوله من لغط، وقطع العلاقات مع إيران والتداعيات التي أعقبته والملفات السياسية التي أثيرت معه. هنا نحن نشير إلى الإعلام ثم الإعلام ثم الإعلام ودوره المركزي الهام في مثل هذه الظروف تحديدا.

قبل يومين نشرت صحيفة الوطن تقريرا عن النشاط الإعلامي الكثيف الذي تقوم به إيران من أجل تحسين صورتها وتعزيز مواقفها وسياساتها أمام العالم، وأيضا استهداف الدول الخليجية والمملكة على وجه الخصوص من خلال إستراتيجية إعلامية بدأت منذ عام 2004 اشترك فيها خبراء وإعلاميون بينهم مجموعة من العرب الذين جندتهم، وتشرف على تنفيذ الإستراتيجية لجنة عليا ترتبط مباشرة بمركز القرار بحيث أصبح الإعلام الإيراني الناطق بالعربية منافسا للإعلام الفارسي، ولعلنا نلاحظ ذلك فيما يُبث الآن في بعض العواصم العربية أو من داخل إيران، وأيضا اختراق بعض الوسائل الإعلامية الأجنبية والتأثير عليها.

وعندما نشير إلى هذا المشروع الإعلامي الإيراني فإننا لا ندعو إلى تقليده في الهدف والمضمون والوسائل والأخلاقيات الفاسدة بشراء الذمم وتزييف الواقع والإساءة للآخرين، وإنما نؤكد على أهمية الحضور الإعلامي المؤثر الذي يجب أن نفعله في هذه المرحلة الحساسة لخدمة قضايانا وشرح سياساتنا ودعم مواقفنا وتصحيح الفهم الخاطئ لنا وتفنيد المعلومات المغلوطة عنا. بعض إعلامنا بتقليديته المستمرة ونمطيته لا يسعفنا في تحقيق أقل القليل من هذه الأهداف في كثير من الأزمات والأحداث، لأنه يخاطب الخارج بذات المضمون والأسلوب الذي يخاطب به الداخل، والذي أصبح غير مناسب حتى للداخل.

لم يعد ترفا أو أمرا ثانويا أن يكون لنا إعلام إستراتيجي مؤثر، وحضور مستمر وفاعل في المنابر الإعلامية العالمية يتناسب مع مكانة المملكة ويخدم قضاياها.

حمود أبوطالب

نقلا عن “عكاظ”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التخطي إلى شريط الأدوات