جرعة كيماوي.. ألم وتفكر

صورة الكاتبات
صباح الحكيمي

للوهله الأولى التي أيقنت حينها أن هذا المرض قد إكتسح جسد أختي، وأخذ منها صحتها وأنهك جسدها، لم تكن تعاني الألم وحدها فقط، بل كل العائلة قد أنزفهم هذا الألم وأوجعهم وضخ في أجسادهم الهم والحزن، لكن أملنا ويقيننا بالله أكبر منه.

هذه الجرعات الكيماوية التي هدت جسدها وآلمته وأشعرتنا بالكثير من الغصص التي غضضنا الطرف عنها، جرعات أدمت قلوبنا قبل أن تصل إلى جسدها حيث صبرت واحتسبت ورجت ما عند الله وهو خير وأبقى، أختي صابرة مذ عهدتها لا تشكي ولا تستنجد ولا تبث همها وحزنها إلا إلى خالقها وحده.

لم أكن أتخيل أن يزورنا هذا المرض أو أن يعيش في أطهر جسد وأنقى قلب، لكنها حكمة الله التي أراد أن يشعرنا من خلالها بالنعم التي نحن غافلون عنها ولا نؤدي حق شكرها، هذه الجرعات التي أوهنت جسد أختي وأتعبته، كانت كفيلة بأن تحيي قلوبنا الغافلة ونتفكر بمن تعايشوا مع هذا المرض وأصبحت الجرعات لهم غذاء ودواء، كنا نسمع عنهم ولا نراهم، ندعوا لهم بظهر الغيب ابتغاء الأجر ومشاركة بالعواطف، لكنه اليوم بيننا نشاهد عوارضه وآلامه الدفينة في جسد أختي، نراها تقاومه بكل قوتها، وتحاول إخفاء ألمه ومقاومته من أجل أن لا تؤذي والديها أمي وأبي، حتى لا تشعرهم بالألم، ولا بأنه يقتات من جسدها ومن بريقها.

تحاول أختي بكل قواها أن تصبر على هذا الألم والمرض، وحين نراها قوية نزداد قوة بقوتها، نبتسم ووراء ابتساماتنا ألم وأمل، وندعوا لها في كل وقت ولكل مرضى هذه الجرعات الكيماوية.

رحلة لا نعرف هل هي طويلة أم قصيرة، لكنها تحمل معاناة وأعراض، وجرعات كيماوية لا مفر منها، وهي بلا شك سم مليء بالمعاناة؛ لكنه ضرورة من أجل الاستمرار لوضع حد ونهاية لمعاناة هذا العلاج.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *