تمرين درع الوطن والخليج.. رسالة استعداد لكل ما هو متوقع

الملك سلمان خلال رعايته الحفل أعطى إشارة مهمة كقائد أعلى لكافة القوات المسلحة من أن هناك جيشاً وطنياً قادراً على حماية أرضه وإنسانه، ويحظى بثقته وثقة شعبه، ويواصل تطوير قدراته القتالية لمواجهة التحديات والتهديدات في منطقته، والتعامل معها باحترافية عالية وجاهزية تامة..

دلائل متعددة لختام فعاليات تمرين «درع الخليج المشترك 1» برعاية خادم الحرمين الشريفين، وحضور عدد من قادة الدول الشقيقة والصديقة المشاركة في التمرين -الذي استمر لمدة شهر كامل-، ومن تلك الدلائل تزامن ختام التمرين بعد اجتماع ناجح للقمة العربية وإعلان مواقفها ومقرراتها تجاه ضمان واستقرار المنطقة، وتأكيد على دور المملكة الإقليمي كضامن للسلم والاستقرار في المنطقة والعالم، إلى جانب مكان التمرين على ضفة الخليج العربي المقابل للحدود الشمالية الإيرانية، وهي رسالة مهمة من أن المملكة لا ترغب أن تكون طرفاً في أي حرب مقبلة، ولكن لديها الاستعداد بما يكفي لها.

التمرين يعد الأضخم على مستوى المنطقة من حيث عدد القوات والدول المشاركة وتنوع خبراتها ونوعية أسلحتها، والتقنيات المستخدمة التي تعد من أحدث النظم العسكرية العالمية، إلى جانب مشاركة أربع دول تصنّف أنها ضمن أقوى عشرة جيوش في العالم، كذلك رسم السيناريوهات المحتملة في عمليتي الهجوم والتطهير للمواقع، وكل ذلك يظهر مدى الجاهزية التامة للقوات المسلحة السعودية براً وبحراً وجواً في التصدي لأي محاولات تعدٍ على أراضيها، أو النيل من مكانتها، أو المضي في مشروع فوضى المنطقة مجدداً، حيث لم يعد هناك مجال لهامش المناورة، أو الحرب بالوكالة، أو التدخل في شؤون الآخرين.

الصور التي تركها التمرين والاستعراضات العسكرية المصاحبة له كانت بالغة التأثير في نفوس المواطنين، حيث بعثت في داخلهم الطمأنينه، والإحساس بالمسؤولية، والمشاركة في حماية وطنهم، والتضحية من أجله، والتصدي لكل من يحاول الإساءة إليه، أو اختراق وحدته، وهي صورة وصلت أيضاً للعالم عن مدى قوة وتأثير السعودية الجديدة في صناعة القرار، وبناء التحالفات، والتطور الكمي والنوعي في منظومة التسليح العسكري، وقبل ذلك تأهيل الجندي السعودي حين تكون عقيدته أقوى من سلاحه.

الملك سلمان خلال رعايته الحفل أعطى إشارة مهمة كقائد أعلى لكافة القوات المسلحة من أن هناك جيشاً وطنياً قادراً على حماية أرضه وإنسانه، ويحظى بثقته، وثقة شعبه، ويواصل تطوير قدراته القتالية لمواجهة التحديات والتهديدات في منطقته، والتعامل معها باحترافية عالية وجاهزية تامة تحت أي ظرف.

المملكة تعد الدولة العربية الوحيدة في المنطقة التي لديها القدرة على عقد التحالفات العسكرية وتنظيم التمارين الدولية المشتركة بهذا الحجم، وفي الوقت ذاته تتشارك مع أشقائها وأصدقائها على تعزيز أمن المنطقة واستقرارها، وتوحيد الجهود والرؤى نحو الحلول السلمية لكثير من القضايا المثارة، وهي معادلة متوازنة بين الاستعداد للمواجهة تحت بند أي ظرف طارئ، وبين الدفع بالحراك السياسي نحو تسويات يضمنها القانون الدولي، والمرجعيات الأممية ذات الصلة.

الظروف المحيطة بالمنطقة على أكثر من صعيد سياسي وعسكري وأمني تتطلب أن يكون هناك رسم لكافة السيناريوهات المحتملة، والتعامل معها بكثير من العمل الدولي والإقليمي المشترك.

المملكة في هذا التمرين تستعرض جانباً من قدراتها العسكرية ضمن استراتيجية الدفاع الوطني، وتطويرها لمواجهة التهديدات الحالية والمستقبلية، من خلال التركيز على الدفاع الفعّال، وتحقيق الأمن بالتعاون مع الحلفاء، وتشكيل الجهود لردع الاعتداءات، وعند الضرورة يتم استخدام القوة للدفاع عن مصالح السعودية الوطنية.

اليوم القوات المسلحة السعودية تعمل ضمن مشروع تطوير كبير على صعيد البنية التحتية للقدرات العسكرية، والإمكانات البشرية، وتتعامل مع المواقف والأحداث بمهنية واحترافية عسكرية للقتال، وتستمد قوتها من قناعة راسخة من أن الغاية الوطنية هي المحافظة على سيادة المملكة، وأمنها، ووحدتها، ونموها واستقرارها، وحماية الحرمين الشريفين وقاصديهما، وهو حق مشروع تسعى إليه من دون أن يكون هناك نيات أخرى لا يحتملها الموقف، أو المنطقة ككل.

د. أحمد الجميعـة

(الرياض)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *