قضية فياض: الإعلام وحقوق الإنسان

أثار الحكم الذي صدر ضد الشاعر الفلسطيني المقيم أشرف فياض استغراب الكثيرين في الصحافة المحلية بسبب ما وصف أنه “إلحاد” في ديوانه، ورغم ما أحدثته القضية من تفاعل كبير في وسائل التواصل الاجتماعي إلا أن البعض في هذه الوسائل أراد الإساءة للقضية واستغلالها بطريقة غير مشروعة، من قبيل ما يتم تداوله بأن الحكم نهائي وغير قابل للاستئناف، وهو أمر غير صحيح ومجاف للحقيقة، إذ إنهم أخذوا يزايدون بأن الاعتراض على هذا الحكم هو اعتراض على الأحكام الشرعية معتمدين في ذلك على مقولة “لا يجوز التناول الإعلامي في التعليق على الأحكام القضائية”. من الأهمية بمكان معرفة أهم الأنظمة والقوانين المتعلقة في هذا المجال:

نصت المادة رقم 61 من نظام المرافعات الشرعية على أن “تكون المرافعة علنية إلا إذا رأى القاضي من تلقاء نفسه أو بناء على طلب أحد الخصوم إجراءها سرا محافظة على النظام، أو مراعاة للآداب العامة، أو لحرمة الأسرة، وعليه فمن حق الناس حضور الجلسات سوى ما ذكر، وبما أنه قد جاز الحضور للعموم فبالتالي يكون النشر جائزا للعموم، ولذا نجد أن كثيرا من المحاكمات تبث بشكل مباشر في بعض الأقنية الإعلامية كدليل على المصداقية والنزاهة، وهذا ما تنص عليه المادة 10 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: لكل إنسان، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، الحق في أن تنظر قضيته محكمة مستقلة ومحايدة، نظراً منصفاً وعلنياً، للفصل في حقوقه والتزاماته وفي أية تهمة جزائية توجه إليه. وعلى ذلك واستنادا على نظام المرافعات الشرعية فلا يمنع في الأصل من النشر الإعلامي لما يدور من المداولات والمحاكمات القضائية، كما يجوز النشر لما بعد الحكم وقطعيته من باب أولى.

ما ورد في الفقرة 7 من المادة 9 من نظام المطبوعات والنشر: “يراعى عند إجازة المطبوعات ألا تفشى وقائع التحقيقات أو المحاكمات، إلا بعد الحصول على إذن من الجهة المختصة هذه الفقرة لا تتناقض مع المادة 61 من نظام المرافعات الشرعية إذ إنها قيدت الحظر عما يفشى من الأمور السرية فقط بخلاف العلنيات.

ما ورد في اللائحة التنفيذية في المادة رقم 73 على أنه لا يجوز نشر وقائع التحقيقات، أو المحاكمات المتعلقة بالأحوال الشخصية وغيرها، إلا بعد الحصول على إذن من الجهة المختصة، يتضح في هذه الفقرة أنها تتحدث فقط عن حظر كل ما له علاقة بالأمور الخاصة لأن المصلحة فيها تقتضي السرية بخلاف المحاكمات التي تقتضي عدالتها كونها علنية، فهناك فرق بين سرية التحقيق وعلنية المحاكمة، وهو ما يؤكده نظام الإجراءات الجزائية في مادته 67 عن ضمانات سريّة التحقيقات والمادة 155 التي تنص على: جلسات المحاكمة علانية، ويجوز للمحكمة –استثناء– أن تنظر الدعوى كلها أو بعضها في جلسات سرية، تمنع فئات معينة من الحضور فيها، مراعاة للأمن، أو محافظة على الآداب العامة، أو إذا كان ذلك ضروريًا لظهور الحقيقة.

بناء على ما سبق لا يوجد نظام صريح يمنع نشر القضايا المنظورة في المحاكم السعودية؛ بخلاف بعض الدول التي تجيز إصدار أحكام لقضايا محددة بعدم تناولها إعلاميا لحساسية القضية، ولذا فإن مقولة لا يجوز التناول الإعلامي في التعليق على الأحكام القضائية لا أساس لها من الصحة. وما فعلته هيئة حقوق الإنسان الحكومية بتحركها ومتابعتها لقضية الشاعر فياض؛ جهد يتوجب شكر الهيئة عليه، وهو المأمول منها دائما.

علي الشريمي

نقلا عن “الوطن”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *