لماذا لا تضحك صحفنا؟

صباح السبت، وفي مقهى بدبي مول، تناولت صحيفة محلية، لأبحث عن مقال ساخرة يرسم الابتسامة على وجوه القراء، فتبين لي أن المقالات الساخرة توقفت منذ فترة، فاندهشت امام صديقي الذي بادرني: سيكون عاراً على الصحيفة نشر مقالات ساخرة بزمن تموت الناس فيه نحراً بالسكاكين!
«تعرّضت الصحف الخليجية، في الفترة الأخيرة، لمؤامرة كبرى».

في المقابل؛ أسمع عن كثيرين هجروا الصحف، لأنها تعج بحروب ومجاعات وأمراض، تعبنا ونحن نقرأها كل يوم.

من غير حول منا ولا قوة، تحولت صحف خليجية إلى وسيلة ثقيلة على النفس، فتصدرت صفحاتها صور الجثث وأخبار القتل، لنجد أنفسنا وقد دُفعنا لنكون طرفاً في العراك والبؤس بلا مبرر، إلا لكوننا نعيش في وسط زحام الأحداث المأساوية، ونسينا أننا في الخليج – خصوصاً – نعيش حياة مستقرة سياسياً وأمنياً واقتصادياً، لا ينغصها إلا بعض المشكلات العامة، التي تمر بها كل المجتمعات المتطورة، أو الحالات الفردية الشاذة.

أتمنى أن يتفق رؤساء التحرير الخليجيون، على وضع مؤشر رقمي، يقيس مدى «الإمتاع» الذي تحققه صحفهم لدى القراء، يلي ذلك توقيع اتفاقية تمنع نشر الصور الملونة للجثث، احتراماً لحرمة الموتى، خصوصاً أن ذلك النشر لن يعيدها إلى الحياة، وأن يقرروا الزام الكادر التحريري بخفة الظل شرطا للتعيين.

تعرضت الصحف الخليجية، في الفترة الأخيرة، لمؤامرة كبرى، فتلاشت الصفحات التي تحمل نسائم البحر المبهجة لصالح صفحات تشع بالطاقة السلبية، وكأن هناك قوى خفية تحاول سحبهم للنكد، وأكبر مثال على ذلك أن توعية الناس تجاه الأحزاب الضالة قد صورت الفئران كالوحوش الكاسرة، فترك ذلك التشبيه انطباعاً خاطئاً لدى العالم بأن تلك الفئران لديها القدرة على تقويض البنيان الصلب لأنظمة الدولة ومؤسساتها.

إن إمتاع الناس رسالة سامية، وصحافتنا مُلزمة بتحملِ مسؤوليتها بالتأثير في المزاج العام للناس، والذي بدوره سيمدهم بالطاقة الإيجابية المحفزة نحو العمل والإبداع، فلا وجود لقاعدة تقول إن الفائدة لا يمكن تقديمها في قالب من المرح، ولم يشترط أحد على الصحافة الجادة التناول الحصري للطروحات المحزنة البائسة.

وأخيراً، إذا توقفت العناوين الممتعة، والرسوم الكاريكاتيرية المبهجة، وصفحات الأخبار الطريفة، ستكون النتيجة أن يترك القراء الصحف، للبحث عن التسلية في مواقع التواصل الاجتماعي، حتى لو كان موضوع البحث حول لون الفستان الذي تراه «كيم كاردشيان» أبيض وذهبياً، بينما يراه غيرها أزرق وأسود.
سلطان فيصل الرميثي
(الإمارات اليوم)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *