جماهير الاتحاد تصنع الفرح

جمهور نادي الاتحاد حالة فريدة في ملاعبنا الرياضية، هم عاشقون وليس مشجعين، فالتشجيع حالة وقتية تزول بزوال آنيتها، بينما العشق حالة وله تشغل صاحبها حتى وإن لم يكن المعشوق حاضرا.
وهذا ما يفعله جمهور الاتحاد، فهو المنشغل بفريقه حبا، سواء كان الفريق مجيدا أو متخاذلا، فالنتائج الإيجابية ــ بالرغم أهميتها للفريق ــ هي تالية لذلك الحب، إذ يمضي الجمهور جل المباريات ينثر أهازيج أفراحه محفزا اللاعبين على بذل الجهد باثين روحا حماسية قلما تتهاوى.. هذا الجمهور هو النادي الحقيقي لكيان الاتحاد، هو المخزون الذي ينمو ويتجدد عبر السنوات، إذ إن حب النادي يغدو إرثا ينتقل عبر الأبناء والأحفاد، وغريب أن يكون الحب إرثا لا يتم تقاسمه مجزأ، بل يمتلكه كل ابن كاملا.
وقد عبر النادي بسنوات مجدبة وأوشك على الهبوط، إلا أن عنفوان روح جماهيره تكون حاضرة في الزمان والمكان، تكون حاضرة بالمشورة والمال، ففي أزمان مختلفة عصفت بالنادي ضوائق مالية، فيتبرع هذا الجمهور بجمع المال لفك الضائقة عن ناديه، وكثيرا ما تعرض الاتحاد لهزائم أبقته خارج المنافسة، فظل جمهوره مرتادا الملاعب يغنى لطائر يعلمون تماما أن غناءهم سيبعث فيه الحياة مرة أخرى.
وحضور جماهير الاتحاد لتعبئة المدرجات ليس مقتصرا على المباريات الكبيرة التي يخوضها فريقهم،هم يداومون على الحضور حتى لو لعب فريقهم مع آخر أندية الدوري، وتظن أحيانا أنهم سيحضرون بنفس الكثافة حتى لو لعب ناديهم مع فرق الحواري.. هو الحب، ليس له موقع يتموضع فيه.
بالأمس، وفي مباراة ناديهم مع فريق الشعلة ظهر إبهارهم من خلال الـ(تيفو) (وهي لفظة إيطالية تعني أنصار الفريق وما يشكلونه من شعارات وأهازيج يستقبلون بها فريقهم عند دخوله إلى أرضية الملعب)، فقد شكلوا بالمجاميع الغفيرة لوجودهم لوحة فنية رائعة تظهر تعددية الرياضي وانتماءه أيضا، بتلك المجاميع الغفيرة رسموا لوحة بشرية كل فرد فيها يقول ( حبيبي يا رسول الله)، وهم بذلك الصنيع يسلكون لغة العصر في إظهار حبهم لدينهم ورسولهم.. لغة روح وجسد.. لغة يقبل عليها كل العالم في تعبيراته الحديثة للانتماء والفخر.
وسبقوا تلك اللوحة بترديد أناشيد (طلع البدر علينا ــ من ثنية الوداع)، ما فعله هذا الجمهور يؤسس لأهمية ابتكار المشجعين وسائل تواصل محبة مع العالم من خلال الكلمة التي خلق الله منها الوجود للتقارب وليس للتنافر..
هل أقول لأن جمهور الاتحاد غير كان ناديهم محظوظا لأن يكون غير لكل الأندية.. أظن أنها جملة ليس بها شطط.
عبده خال
(عكاظ)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *