هل نصبح من المجتمعات المنقرضة؟!

لست من هواة قراءة الأرقام الاحصائية، رغم أهميتها الا في الأمور الضرورية لكن أمام بعض المشاهد لابد من إيرادها، لأنها الثابت في قراءة الأشياء، ولأننا في بيئة تتغير ويصاحبها ايجابيات وسلبيات، فإن أرقام الأمراض الجديدة التي لم تكن معروفة لأجيال سابقة بدأت تعطي مدلولات خطيرة لابد من أخذها بالمبادرة والاهتمام حتى لا تصل إلى الكارثة البشرية والمادية مع رجاء تصحيح هذه الاحصائيات..

سأورد نماذج لأرقام غير شاملة لبعض الأمراض وفقاً لما نشر بهذه الجريدة ومن مواقع مرموقة كالصحة العالمية والمستشفى التخصصي أو دوائر أخرى تهتم بتلك الجوانب، ففي احصائية 2014م ان من بين سكان المملكة يوجد 23٪ مرضى مصابون بالسكري، وأننا بالمرتبة الثالثة عالمياً والوفيات تصل إلى (22) ألفا سنوياً وأن من بين مائة ألف شخص توجد (70) إصابة بهذا المرض، أما ضغط الدم فالنسبة 20٪ والمصابون بالسرطان وفق احصائية 2012م (17522) «تخصصي الرياض» والوفيات تسعة آلاف هذا عدا حوادث السيارات والجنايات الأخرى مثل المجندين للارهاب أو متعاطي المخدرات.

الأسباب كثيرة قيل إنها جاءت من اختلاف الأغذية بين الأجيال القديمة والحديثة، وكذلك الترف، وعدم ممارسة الرياضة والسمنة وهي تنتهي لقلة الوعي، والانسياق وراء الإعلانات المغرية التي حُرمت في بعض الدول لنشر أي دعاية عن الغذاء والدواء إلاّ وفق القوانين الصحية المرعية والملزمة وفق شروط حادة وقاسية..

من الصعب وقف العادات المستحدثة، لكن مسؤولية المدرسة والعائلة ومن ثم وسائل الإعلام والمجتمع أن نواجه مواطنينا بالواقع الجديد، وكيف نتعامل معه، ليس فقط بالمنطق الساذج غير الجاذب للانتباه، كوضع كلمات تحذيرية على علب السجائر، أو بعض الإعلانات عن مخاطر المخدرات، وقد عشنا تقاليد لم تصل لوعينا عن نتائج زيجات الأقارب ومورثاتها السلبية التي لا تزال قائمة حتى اليوم منذ أزمنة بعيدة، وهي على سيئاتها لم تصل إلى حد النتائج الخطيرة التي تؤكدها مؤشرات الأمراض الناشئة اليوم..

صحيح أن نمو الوعي آخذ بالتزايد حين يمارس البعض الرياضة ويقنن تغذيته حسب حاجاته، أو ايقاف التدخين، والتحوط من الأغذية ذات السعرات الهائلة وعدم التفريط بالصحة لصالح لذة الأطعمة ومغرياتها وتنوعها..

الأرقام السابقة وضعت لها عدة حلول، وهي تحتاج إلى استراتيجية صحية شاملة خاصة وأننا نعيش مرحلة انقلبت فيها الكثير من عاداتنا كمجتمع ظل قرويا أو بادية أو مدنا صغيرة كانت تعتمد على ضروراتها الأساسية من منتوجها الخاص، بينما اليوم اتسعت الأسواق والأنواع والكميات لكل الأصناف وزادت عمليات الافراط بالغذاء، والنتائج أحدثت مشكلا بمضاعفات الصرف على كل حالة مرضية، وما لم نصل إلى تغييرات أساسية في أنماط عاداتنا، فإن الثمن لن يكون مادياً فقط، وإنما مجتمع عليل، رغم تزايد مواليده بنسب عالية يتساوى فيها المواليد مع الموتى.

يوسف الكويليت

نقلا عن “الرياض”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *