“يا مخلفين الوعود”!

تقول كلمات الأغنية الشعبية “على الوعد جيتكم.. يا مخلفين الوعود.. جيتك على وعدكم.. ظنيت وعدك يجود”!

ولو قرأتها دون أن أسمعها لتوقعته يقصدنا مباشرة.. فلا أظن أكثر منا إخلافاً للوعود.. وتحطيماً للمواعيد، حتى وإن تزينت معاصمنا بأجود الساعات السويسرية!

واتساقاً مع فوضى المواعيد ابتكرنا لحظات فاخرة لا يمكن لأمهر صناع ساعات “روليكس وفاشيرون” تحديدها، سجّل عندك: “قبل العصر.. بعد العصر، قبل المغرب.. بين الصلاتين.. بعد العشاء”.. هذه مواعيد لا يمكن فهمها وسبر أغوارها إلا لمن عاش بيننا عشر سنوات متتالية، سنة منها في البر، ولم يغادر خلالها البلد ساعة واحدة!

والأمر المحير أنك لا تجد أحداً يأتيك في موعده إلا من رحم ربي.. لابد من “نصف ساعة” فوق البيعة!

– قابلت شقيقاً عربياً متعلماً تنقل بين ثلاث مناطق سعودية وأمضى فيها سنوات طويلة من حياته.. بعد حديث مستفيض سألته وقد وثقت بوعيه – ما أبرز سلبيات هذا المجتمع؟!

قال لي فوراً: “لا تزعل مني؛ أنتم لا تحترمون مواعيدكم.. كيف أفهم حينما يقول لي زميل نلتقي بعد العصر، وإذا ألزمته بساعة محددة يأتي متأخراً نصف ساعة؟!

قلت له: ربما نحن شعب حديث عهد بالساعات، ولا نلبسها إلا للزينة! – “شي ينرقع وشي ما ينرقع”، هل لديكم جواب آخر يحفظ ماء الوجه!

– المدرسة والجامعة تضبطان أوقات الطلبة بالدقة والدقيقة، لكن سرعان ما تتحطم هذه الدقائق في المجتمع الخارجي، الذي يضرب لك موعداً معيناً ويبادر إلى كسره دون حياء، ولذلك أزداد قناعة بوجود وقت كبير مهدر في حياتنا، ربما لا نشعر بذلك حينما ننظر إلى المسألة خلال الـ24 ساعة، إنها تبدو أكثر وضوحا حينما ننظر إليها خلال الأسبوع، تزداد وضوحا خلال الشهر، ومن ثم السنة!

– في المرة القادمة حينما تطلب مقابلة أحد أو توجه الدعوة لأحد، أرجوك حدد ساعة معينة، واحرص على ألا تتجاوزها دون عذر، حتى تبدو محترما أمام الآخرين!

صالح الشيحي

نقلا عن “الوطن”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *