الإعلامي يرفع والمسؤول يكبس!!

كان دور الإعلام السعودي مقتصراً على إبراز الوجه المشرق لكل شيء، وأي شيء، بكل شيء، وأي شيء! بدءاً بـ»ميزانية الخير والبركة« (حسب سليمان العيسى غفر الله له) مهما انهارت الأسواق العالمية، وانخفض سعر البرميل، وتضخمت الأسعار، واتسعت الهوَّة بين الداخل في جيب »المواااطٍ«، والخارج منه!! وانتهاء بصورة »الموااااطٍ« نفسه، فهو ـ حسب الإعلام آنذاك ـ الشريف الأشرف، والنقي الأنقى، والكامل الأكمل في الدنيا والآخرة والبرزخ! وكل ما نعاني منه من بطالةٍ، ومخدرات، وفساد، إنما غزانا به الأجانب »اسم الله علينا«! حتى الإرهابيون في الخارج يلبسون الزي السعودي؛ لأنه الأشد إغراءً للحور العين!!

أما بعد اتساع هامش الحرية، فقد انتقلت ثقافة »التلميع« من ذهن المسؤول و»الموااااطٍ« العادي، إلى ذهن »الإعلام الهاوي« نفسه! وما زال معظم الإعلاميين (فيذا) يعتقد أن وظيفته وظيفة (ماكيير) الفنانة المملوحة »أحلام«، الذي لن يرتاح حتى يجعل منها (مريام) أخرى ولكن أطعم؛ لتكون (فارس) كل العواذل!!

هل تعرف مثلاً (فضاةً قنائية) أو وسيلة إعلامية، لم يتميلح فيها مسؤولو الجوازات بإنجازهم إجراءات السفر خلال (10) ثوانٍ فقط؟ مع أن هذا هو الطبيعي في كل بلاد العالم، وبعضها منذ موووبطي! وهل تعرف إعلامياً (سعودياً) سألهم: لماذا تأخرتم كل هذه القرون؟ آلو.. آلو.. يبدو أننا فقدنا الاتصال مع سعادة المسؤول!!

أما بعض البرامج (الله يعطيك خيرها ويكفيك شرها وشر غيرها) فقد تحول مذيعوها إلى وعَّاظٍ وخطباء جمعة: يستغرقون ثلث الحلقة في الدعاء للمسؤول، الذي تواضع وتكرم ومنحهم هذه الدقائق الثمينة من وقته الحافل بالتصريفات.. عفواً: الإنجازات! وثلثاً ثانياً للتأمين على رأيه بأن »الموااااطٍ« هو المسؤول عن هذه الحوادث البشعة! أما لماذا لم تصلح وزارة (النقل إلى الآخرة) طرق الحرير؟ فلأن ذلك سيزعج المواطنين الكرام بكثرة التحويلات!!

أما الثلث الأخير من الحلقة فلعرض اقتراح عظيم، سيجتث الفساد من »لغاليغه« وهو: أن نضع على كل طريق اسم المقاول والمهندس المراقب؛ لندعو لهما أو عليهما!

وبغض النظر عن قوة دعواتنا المستجابة فوراً، يقول البدو: »الدعا ما يذبح الذيب«! و»الحضران« قالوا للحرامي: أحلف.. قال: جا لك الفرج!!

محمد السحيمي

نقلا عن “مكة”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *