تطمينات العساف.. هل سيعكسها الواقع؟

في ظل ترقب الشارع السعودي لموازنة العام 2015 المالية، صرح بالأمس وزير المالية الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز العساف أن وزارة المالية قد أنهت إعداد موازنة الدولة للعام المالي القادم، وأنه تم عرضها على المجلس الاقتصادي الأعلى تمهيدا لعرضها على مجلس الوزراء في القريب العاجل، وأشار إلى أنه بالرغم من أن الموازنة أعدت في ظل ظروف اقتصادية ومالية دولية تتسم بالتحدي إلا أن المملكة ومنذ سنوات طويلة اتبعت سياسة مالية واضحة تسير عكس الدورات الاقتصادية بحيث يستفاد من الفوائض المالية المتحققة من ارتفاع الإيرادات العامة للدولة في بناء احتياطات مالية وتخفيض الدين العام مما يعطي عمقا وخطوط دفاع يستفاد منها وقت الحاجة” انتهى تصريح وزير المالية، والمراقب لتصريحاته منذ سنوات يستطيع بسهولة أن يطلق وصف “وزارة التطمينات” لوزارة المالية السعودية، إذ إنها ظلت على الدوام تطمئن الشعب السعودي في نهاية وبداية كل عام مالي ولو عدنا سنوات قليلة سابقة نجد أن كل تصريحات العساف تبعث التطمين تلو الآخر، وأذكر هنا أحد أهم التطمينات التي وردت على لسان وزير المالية التي كانت في فبراير 2008 أمام مجلس الشورى السعودي، أبان إرهاصات الأزمة المالية التي ضربت العالم، إذ تم استدعاء محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي حينها حمد السياري ووزير المالية الدكتور إبراهيم العساف لتقديم إيضاحات حول سعر صرف الريال مقابل الدولار، فأكد الدكتور العساف أن “المسؤولين عن السياسات النقدية لن يقفوا جامدين إزاء مراجعة سعر الصرف متى ما استدعت الضرورة ذلك” والحقيقة يسجل ذلك لصالح العساف، إذ إن سعر الصرف ظل ثابتا ومستقرا إلى حد كبير حتى تاريخ اليوم، ولم يتأثر بارتفاع أو انخفاض سعر البترول ما يؤكد قوة وحجم الاحتياطي النقدي السعودي، ثم كانت تصريحاته التطمينية المشهورة على هامش القمة الخليجية التي عقدت في الرياض في ديسمبر 2009، وأكد أن الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي السعودي لن يكون إيجابيا فقط، وإنما سيكون جيدا بالأرقام الحقيقية في عام 2009، وأنه لا خوف على السعودية من تأثيرات الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية. لذلك شئنا أم أبينا تظل وزارة المالية هي الوزارة السعودية الوحيدة التي تبث الطمأنينة في قلوب الشعب السعودي عاما بعد عام، ما يجعل السعوديون يترقبون نهاية كل عام ميلادي استبشارا بتطمينات وزارة المالية.

أما على مستوى الواقع والمشاهدة اليومية، نقرأ ونسمع بشكل يومي تعثر عشرات المشاريع بل المئات في القطاعات الحكومية كافة، بسبب عدم توافر الموازنة، أو عدم اعتمادها وصرفها من قبل وزارة المالية، حتى أن بعض المؤسسات والجهات الحكومية أعلنت من قبل أنها تعمل وتجتهد بحسب ما يصرف ويخصص لها من موازنات، لذلك من الطبيعي أن لا تجد لها مشاريع طموحة تنفذ وكأن وزارة المالية تضع سياساتها لدعم الاحتياطات النقدية السعودية والمحافظة عليها حتى لو تسبب ذلك في تعثر مئات المشاريع الحيوية في قطاعات مهمة مثل الصحة والتعليم والشباب والرياضة والدعم الاجتماعي، فالشعب السعودي يريد أن يرى مشاريع حقيقة تنجز على أرض الواقع وتزيح عن كاهلهم المعاناة في كثير من الخدمات التي تقدمها الحكومة وليست تطمينات لا يعكسها الواقع.

طلال آل الشيخ

نقلا عن “الوطن”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *