خلونا نستمتع

كرة القدم تلك اللعبة المثيرة التي غزت كل شعوب العالم بكافة أطيافهم . . حتى الوطن العربي ربما لا يخلو بيت إلا وتشاهد أحدهم مهتما بذاك الجلد المنفوخ ، يتابعه ويناقش فيه ويتعمق في أدق تفاصيله . . ربما بات حزينا تلك الليلة لمجرد أن من أحب أخفق ولم يفرحه ، وفي البيت الآخر تجد الفرح والسرور واضح على محياه فقط لأن من أحب فاز وانتصر وأبهجه .

كل ماذكرت هو بعض من الجوانب الحسنة لكرة أحببناها بكل تفاصيلها الصغيرة وخطوطها العريضة . . النقاش فيها هو أساس متعتها وجمال روعتها إذا كان الأطراف بالفعل يتناقشون فيها وفق منطق عاقل ولغة واضحة بعيدة كل البعد عن التعصب الأحمق والألفاظ البذيئة التي لا معنى لها والتكرار الساذج لكلمات حفظها بدون أن يُتعب نفسه في البحث عن صدقها وكذبها .

لن أتحدث عن برامج رياضية رخيصة الهدف والمعنى لأني مللت من الحديث عنها ، ولن أكتب عن إعلامي مريض مرتزق لم يحترم قلمه ولسانه وكل طموحه كسب رضا من “آخرين” حتى لو كان على حساب أخلاقه وتعاليم دينه .

مقالي هذا موجه للجمهور العاشق المتابع لأدق تفاصيل كرة القدم . . لمن أحب لاعبه وفريقه المحلي ولمن تابع بشغف لاعبه وفريقه الأوروبي ، ما أشاهده عند البعض هو أبعد ما يكون للتشجيع الرياضي المحترم وخصوصا في مواقع التواصل الاجتماعي الذي لا يخلو “هاتف نقّال” عند أحدنا وإلا وفيه حسابا له فيها . . نقاشات تحسبها بين أعداء أديان أو أطياف أو مصالح دول وليست تخص جلد مملوء بالهواء نستمتع به وحسب . . نقاشات أيضا بين حسابات جمهور ليس هدفها تقديم الاضافة لمن تابعهم وشاهدهم بل فقط هدفها “أنا الصح وأنت الغلط” حتى لو أدرك أحدهم أنه أخطأ في تقديره داخل هذا النقاش فإنه يصر على ماقال لئلا ينزل في أعين من تابعه .

هذه أمور لم تكن في السابق موجودة بهذه الكثرة . . لكن حقيقة لا عجب في ذلك وأنت تشاهد كل من حولهم من برامج وإعلاميين يغذونهم بهكذا أمور هابطة ، أمور خارج الملعب وليس داخلها . . ففي الحقيقة أنا وأعتقد مثل غيري الكثير كنا نعتقد أن الإعلامي سابقا قبل ظهور مواقع التواصل الاجتماعي نعتقده إنسان رياضي مثقف ويملك الحس الرائع والثقافة العالية والأخلاق الحسنة ولكن اتضح لنا أن غالبهم أُناس “معهم واسطة ومسكوا برامج أو طلعوا فيها وهم كديش” . . فأثروا على من تابعهم فنتج هكذا نقاشات هابطة .

كل ما أتمناه أن أرى الجمهور العربي يعي ما يقول عند نقاشه ويحكم عقله في كل أمر وليس إمعة يردد فقط ما قاله فلان أو ذكرته صحيفة فلان ، لأن أساس تلك البرامج والإعلاميين هو أساس لا يبحث عن المصداقية أبدا بل يبحث عن مصلحته أين تكون .
(مجرد رأي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *