خلونا في الستمية ألف !

بعد إعلان وزارة الإسكان عن قبول 600 ألف طلب من أصل أكثر من 900 ألف طلب تقدم بها المواطنون للحصول على الرعاية السكنية انصب اهتمام الناس على الطلبات المرفوضة والتي تزيد على 300 ألف طلب والتي يرى أصحابها أنهم ظلموا في رفض طلباتهم لأسباب غير حقيقية مثل زعم الوزارة أنهم يملكون منازل أو عقارات أو وجود عدادات كهرباء بأسمائهم، ورغم أن مسألة رفض الكثير من الطلبات دون وجه حق تستحق كل هذا الاهتمام إلا أنني نظرت إلى الأمر من الزاوية المعاكسة وهي زاوية (المقبولين) الذين لا أظن أنهم سيحصلون على منازل تؤويهم وأسرهم خلال خمس أو حتى عشر سنوات .
بالطبع يؤسفني أن أوزع أقداح التشاؤم في عرس القبول ولكن هذا هو الأمر الواقع الذي يصعب تجاوزه. فالوزارة منذ إنشائها وحتى يومنا هذا لم تنجز مشروعا واحدا يمكن أن نشير إليه بالبنان وهي اليوم إذا أرادت أن تنهي ملفات هؤلاء المقبولين خلال عشر سنوات فإنها تحتاج إلى (تدبير) 60 ألف وحدة سكنية كل عام وهذا أمر يستحيل تحقيقه قياسا بنسبة إنجاز الوزارة خلال الفترة الماضية والتي يمكن أن نقول بأنها (صفر خلال خمس سنوات)، وهذه الحسبة الخيالية تحتاج أيضا إلى غض النظر عن الطلبات التي سوف تتراكم خلال السنوات العشر المقبلة بانتظار إغلاق ملفات المقبولين هذا العام!.
لقد استهلكت الوزارة وقتا طويلا في دراسة أوضاع المواطنين، وتوغلت كثيرا في عملية فحص جدية استحقاقهم للرعاية السكنية حتى أصبحت تعرف أدق تفاصيل حياتهم، كما أنها قبل ذلك استهلكت وقتا أكبر في دراسة كيفية تقديم الرعاية السكنية وهل سيكون الأمر بالتعاون مع البنوك و القطاع الخاص أو من خلال اتباع الأسلوب القديم (أرض وقرض) أو من خلال توزيع وحدات سكنية جاهزة، وكل ذلك بالطبع دون أن تعلن عن خطة واضحة تلتزم بها و يمكن أن يقيم الناس أداءها من خلالها، وهكذا تحولت الوزارة إلى مركز للدراسات والبحوث يمكن أن تستفيد منه جميع القطاعات التي ترغب معرفة أوضاع المواطنين بعد أن كانت الآمال معلقة عليها لتحقيق إنجازات واضحة وملموسة تنهي الأزمة الإسكانية التي تحولت إلى ورم وطني متضخم لا يمكن تجاهله .
المحبط في الأمر أن هذه الوزارة أنشئت في لحظة استثنائية لحل مشكلة استثنائية وحصلت على الدعم الاستثنائي الكافي الذي يمكنها من تغيير الواقع بطريقة أو بأخرى ولكنها حتى يومنا هذا لا زالت تحاول كسب المزيد من الوقت للهروب من التزاماتها الصريحة التي لا تحتمل التأجيل، ولا يوجد أي مؤشر على إمكانية حل مشكلة الإسكان باستثناء الانتظار في طوابير الصندوق العقاري مثلما كانت عليه الأحوال منذ عشرات السنين ! .
لذلك كله أرى أن من تم رفض طلباتهم هم الأكثر حظا لأنهم خرجوا من لعبة إضاعة الوقت وأصبح بإمكانهم مواجهة مشكلتهم بالاعتماد على أنفسهم دون حاجة للتعلق بوعود خيالية. أما الأخوة المواطنون الذين قبلت الوزارة طلباتهم فأقول لهم: هل تصدقون فعلا أن الوزارة بهيكلها الحالي وبطريقة عملها الحالية قادرة على توزيع أكثر من 600 ألف وحدة سكنية ؟!.
خلف الحربي- عكاظ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *