تكفى يا وزير التعليم!

تعود الدراسة للانتظام من جديد بعد إجازة قصيرة هذا الأسبوع، ويبدأ الفصل الدراسي الثاني، المتغير الرئيس فيه هو تعيين وزير تعليم جديد، هذا الوزير هو الوزير الحادي عشر للتعليم، وهو الوزير الخامس في أقل من خمس سنوات، تعدد وزراء للتعليم في هذه الفترة من دون وجود عمل مؤسسي، جعل الكثير من الخطط تتراجع، وجعل الكثير من المشاريع تقف.

دولتنا ما عادت ترضى بالتقليدية والنمطية، فهي كدولة بات ينظر لها كدولة كبرى لها ثقلها الواضح في المشهد الدولي ضمن مجموعة الدول العشرين، وبحضورها السياسي والاقتصادي المتنامي لا بد أن تواكب منظومتها التعليمية هذه المكانة فيكون لها حضور لافت ومؤثر!

الحلول التعليمية سهلة ومتاحة للجميع، والمشكلات التي يعاني منها تعليمنا واضحة للعيان، ومنذ عقود وهي هي، ومن يتصفح تاريخ تعليمنا الممتد، سيجد كثرة الخطط والمشاريع والتصاريح والوعود من مسؤوليها من دون وجود نتاج يواكب كل تلك التطلعات.

ما يجعلنا نتفاءل، أن وزير التعليم الجديد ليس بغريب على تعليمنا، ويحمل خبرة متراكمة أكاديمية وإدارية متوجة بتخصص اقتصادي، يكفل له حل كل المعادلات التي تستوجبها مرحلة الرؤية وتفاعلاتها التنموية.

معالي الوزير..

جامعاتنا ليست بخير، وما تزال عبارة عن تعليم عام بلباس أكاديمي، من دون الخوض في تطور وجاذبية تخصصات ومواكبة التطورات العالمية، لذا نلحظ شغف أبنائنا بالبعثة والتعلم في الخارج، على رغم أننا نملك كل المقومات، لكننا لا نملك الحريات المطلقة لاتخاذ القرارات الصعبة، بسبب روتين قاتل يحد من انطلاقة جامعاتنا. لذا، آن الأوان لاستقلالها عن الوزارة لتقوم بأدوارها من دون وصاية أو تبعية لأحد.

ولو عرجنا على مدارسنا، لوجدنا أن لدينا طلبة شغوفون وطاقم تعليمي طموح، لكن يصطدم بإدارة تعليمية تحد من انطلاقته ولا تسمح له بمساحة من الإبداع والتميز العلمي، بل ترهقه بمناهج قديمة، وبلوائح وأنظمة تجعل الحياة تتلاشى من الجسد التعليمي، ويصبح كل شيء باهتاً ومملاً في مدارسنا!

أصبح الكل يفرح بتعطيل الدراسة والغياب، وأصبح الكثير من المبدعين الشغوفين يعلم نفسه خارج أسوار المنظومة التعليمية، وأصبح كل شيء مملاً ومكرراً، على رغم كل الثورة التقنية التي يشهدها العالم من حولنا.

نحن على يقين أن كثيرا من الدول تشتكي من تعليمها، وبنظرة لبعض دول الخليج المجاورة، نجد أن كثيراً من المشكلات والعقبات نتشارك معهم فيها، ولكن هذا لا يجب أن يجعلنا أسرى لذلك، فنحن السعودية العظمى التي وصلت للفضاء بكفاءات سعودية، وصافحت النجاحات تلو النجاحات بقدرات ومهارات سعودية، وعلى رغم كل ذلك ما زال تعليمنا عاجز عن إزالة الغباش كي يتيح للطالب أن يرى مستقبله نصب عينيه، بل لا نزال نجعله من دائرة لدائرة، ومن متاهة لأخرى، وكأن لا باب نجاة بالقرب.

مشاريعنا التنموية الكبيرة التي يقودها مشروع «نيوم» إن لم يفلح تعليمنا في توجيه البوصلة تجاهها وتخريج كفاءات قادرة على الإبداع والتشغيل والتخطيط والتطوير لها فما الفائدة؟

ونحن على يقين أن لجان متابعة تحقيق رؤية 2030 على دراية تامة بما تقوم به الوزارات والمؤسسات ذات العلاقة، ولا بد أنها زودت وزير التعليم الجديد بتقرير مفصل عما تم وما لم يتم، ولا بد أن وزيرنا الجديد على دراية بما هو مهم وما هو أهم!

بلادنا وجدت لتكون في الصف الأول، ولا بد لتعليمنا أن يصنع الفارق ويمنح الدهشة لمنسوبيه ليستطيع المحافظة على المكتسبات والمقدرات.

لا نريد لوزيرنا الجديد أن يغرق في لجان ويرسم لنا خطط خمسية مكررة، نريده أن يقرر وينهي مسلسل التجريب الذي أثخن تعليمنا بالقيود والترهل، نريده أن يثق بالمعلم ويمنحه كل الدعم، ويأخذ بيد الطالب لكل الشغف ويتجاوز به كل التحديات، لنصل حينها لتعليم قادر على المنافسة والفوز بكل شيء.

شكرا لكل وزير مر على المنظومة التعليمية محملاً بنية صادقة للتطوير خذله بها حجم التصدع.. مع دعواتنا الصادقة للدكتور حمد آل الشيخ بأن يحدث الله مع قدومه الفرق، فالأمل بالله ثم به كبير جداً.

تغريد الطاسان

نقلاً عن (الحياة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *