مافيا الأطباء

عند زيارتي للكثير من الأطباء في أغلب المراجعات لمختلف العيادات كنت أتساءل عن سبب تواجد مندوبي الأدوية عند باب عيادة الدكتور بشكل مستمر، وبالأخص إذا كان هذا الطبيب مشهورا أو يعمل في مستشفى ذائع الصيت. وللحق كنت أعتقد أن المسألة لا تتعدى مجرد تعريف بمستجدات الأدوية وأنواعها وطريقة التعامل معها فقط، ولكن كما يقال (وراء الأكمة ما وراءها)، فمندوبو تلك الشركات يهدفون من خلال هذا التواجد لتصريف جميع أنواع الأدوية، الصالح والطالح، على المرضى وإيهامهم عن طريق الطبيب المعالج أن هذا الدواء هو الأنسب والأصلح من غيره، فالمريض لن يتردد ولو لحظة في أن كلام هذا المعالج غير صحيح بحكم الثقة أولا وقسم الأطباء ثانيا الذي يؤدونه عند التخرج، بحكم أن مهنتهم لا مجال فيها للتلاعب أو التضحية بصحة الناس؛ لأن النتائج كارثية لا قدرالله، كما أن العامل الإنساني يحتم على الطبيب عدم اللجوء لهذا النوع من الاحتيال المتعلق بصحة وسلامة الناس.

فإذا كان تزوير الشهادات الطبية جريمة وتعطي ممارسها حق التطبيب بدون وجه حق، ما يؤدي إلى جرائم تعرض حياة الناس للخطر المميت، فإن تمرير أدوية غير مناسبة على المحتاجين وإبداء النصح للمرضى بتناولها لا يقل خطورة عن ذلك؛ والسبب هو الإغراءات التي تدفعها شركات الأدوية لهؤلاء النوع من ضعاف النفوس الذين باعوا ضمائرهم من أجل حفنة ريالات ولم يردعهم وازع ديني أو إنساني عن ارتكاب جرائمهم، ولو وقف الأمر عند حد السكوت لاعتبرناه جريمة لا تليق بمن أقسم ويمارس أشرف مهنة، ولكن فما بالك وهو ينصح بنوعية معينة من الأدوية لا تتوافق ربما مع صحة المريض، أو يوجد ما هو أفضل منها وينصح بدواء معين لأن وكيله يعطي مكافآت وتذاكر سفر وغيره لبعض ضعاف النفوس من أشباه الأطباء وما أكثرهم.

وما دام الشيء بالشيء يذكر فأغلب الأطباء للأسف ممن يعملون في مستشفيات حكومية صباحا ومستشفيات أهلية مساء، عندما يأتي إليهم المريض في الحكومي يتذرعون أن وضعه الصحي ممتاز ولا يحتاج إلى علاج، وعندما يأتيهم نفس الشخص في الأهلي يبررون له احتياجه لعملية أو أشعة وغيره، ويكتبون نوعيات معينة من الأدوية لا يحتاجها بسبب حصولهم على نسبة من تلك الإجراءات.

يذكر أحد الأطباء أن شركات الأدوية تعطي إغراءات كبيرة لتمرير علاجات معينة ويستشهد بالعديد من الوقائع على مستوى العالم التي نظن أنها صحيحة طبيا بينما فعليا غير الواقع لأجل تمرير تطعيمات معينة أو أجهزة محددة.

أتمنى أن تطال يد العقاب هؤلاء، فالتزوير خطر واضح ومكشوف بعد التدقيق في الوثائق، ولكن تمرير وصفات معينة لأجل الحصول على مكاسب مالية لا يمكن اكتشافه ولا يعلم مدى ما تسببه من مخاطر إلا الله عز وجل، ولذلك فالإبعاد عن ممارسة المهنة أقل جزاء يمكن تطبيقه على هذه العينات من البشر.

الصيادلة لا يقلون خطورة في هذا الموضوع عن الأطباء، حيث يعطون النصائح التي تخدم شركات معينة سواء فيما يتعلق بالأدوية أو الكريمات وأصباغ الشعر، كما أنهم ومن تجربة شخصية يحرصون على تصريف المنتجات مرتفعة الثمن لترتفع النسبة التي يحصلون عليها.

أتساءل كما يتساءل غيري أين القسم يا معشر الأطباء؟.

عبد الرحمن المرشد

نقلاً عن (اليوم)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *