هل تنادي باسم زوجتك في مكان عام

بعد قرارات خادم الحرمين الشريفين التي صحح بها كثيراً من مشكلات المرأة أصبح المزاج الاجتماعي أكثر انفتاحاً وأكثر قدرة على إنتاج السعادة والثقة، خفت حدة التجاذب المجانية التي أشغلت البلاد عقوداً طويلة، العمل والإنتاج يحتاجان إلى مساحة حرية يتحرك فيها الناس.

قد لا يرى الذين يعيشون في الرياض التغير الذي حدث في حياتهم، التغير يحدث أمامهم بشكل يومي ويتنامى مثل العيش مع الأطفال في البيت، لا يحس المرء أن أبناءه كبروا، عندما تعيش بعيداً عن الرياض فترات طويلة نسبياً ستشاهد تغيراً فوق ما حلمت به.

عندما كنت في الرياض الصيف الماضي قمت بعدة جولات على الأسواق والمولات، دخلت عدداً من المطاعم، كان هدفي أن أنظر في الصورة الاجتماعية بعد القرارات التاريخية التي سمحت للمرأة بالعمل في أي مكان تراه يحقق طموحاتها دون عقبات مفتعلة.

صادف في إحدى المرات أن دخلت مكاناً لبيع إلكترونيات وأدوات منزلية أبحث عن غسالة ملابس، لم يكن لدي أي فكرة عن الغسالات وأنواعها، شاهدت أكثر من شابة سعودية يعملن في المحل، كنت سعيداً عندما اقتربت مني إحداهن وعرضت خدماتها، كانت فرصة لتحقيقاتي ومقاربتي للواقع الجديد، كان بالفعل واقعاً جديداً. كانت شابة صغيرة في أول العشرينات من العمر ظهر عليها شيء من هيبة الظروف الجديدة ولكنها كانت مجتهدة ومحترفة وتعمل بإخلاص كأنها مسؤولة عن تمثيل جيلها من البنات، لا أعلم هل كانت معلوماتها الثرية عن الغسالة من تجربة منزلية أم من تدريب تلقته من الشركة، بعدما انتهينا من مسألة الغسالة طلبت منها أن تعطيني فكرة عن المكيفات، بدأت تشرح لي الجودة والاستهلاك ولكن شرحها لا يشي أنها تعرف الكثير، اتضح لي أن معرفتها بالغسالات مصدرها البيت وتجاربها الشخصية، جادت بما تعرف لمصلحة العمل

خرجت من المحل وتذكرت تجربة أخرى مررت بها في أواخر الثمانينات الميلادية من القرن الماضي.

كنت أجول بين الرفوف في أحد محلات التجزئة الكبرى في الرياض، عائلات وعزاب (قبل منع العزاب من دخول المولات). لاحظت رجلاً في منتصف العمر يدفع عربة تسوق مليئة بالمشتريات وزوجته تسبقه بحوالي سبعة أو ثمانية أمتار. كان عليه أن يناديها ليريها شيئاً في يده. فأخذ يصرخ (هي.. أقول انت.. يا) شعرت بورطته، لا يريد أن يذكر اسمها على الملأ. فأخذ يرمي بالكلمات على أمل أن تتعرف على صوته، وأخيراً ترك العربة في مكانها وأسرع ووقف أمامها.

من يدري لعل هذه البنت البائعة هي ابنة تلك المرأة التي يخجل زوجها من مناداتها باسمها.

عبدالله بن بخيت

نقلاً عن (الرياض)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *