وطن ثائر وشعب حالم وقيادة ملهمة

تتزامن احتفالات السعودية بيومها الوطني الـ 88 مع وجودي بالصين ضمن برنامج تدريبي، والذي يضم مجموعة من أكثر من 37 دولة، سوف أتحدث عن هذا البرنامج بالتفصيل في مقالات لاحقة، لكن ما لفتني ان كل من قابلته في هذه المجموعة لديه هذا الفضول والانبهار بالمرحلة الجديدة والتغيرات التي تمر بها المملكة. هناك اسئلة كثيرة عن الرؤية المستقبلية «رؤية 2030» ومهندس هذه الرؤية الامير محمد بن سلمان هذا الشاب الذي ألهب العالم وشغل الناس بهذه الرؤية الثاقبة وهذا الطموح. كنا نجلس جلسات مطولة نتحدث عن الاصلاحات والتغيرات الهيكلية التي تمر بها السعودية وكانت الآراء تنقسم الى ثلاثة اقسام بين ناقد بسبب صورة الاعلام المضللة وبين معجب بالتحول والاصلاح وبين من شدته الخطوط العريضة للإصلاح وعنده فضول لمعرفة المزيد. أعتقد ان ما أنجزته المملكة من إصلاحات اقتصادية منذ اعلان الرؤية في 25 إبريل 2016 كبير وقفزت قفزات سريعة، انعكست بدورها على الجانب الثقافي والاجتماعي وبدأت تظهر الوجه الحقيقي المشرق للمملكة. فالدولة والمجتمع بدأوا يدا بيد للسعي لتحقيق هذه الرؤية ضمن خطط ومنهجية واضحة. ولعلي ألخص بعض هذه الإنجازات بالتالي: اولا: تطوير السوق المالي، كان برنامج تطوير القطاع المالي 2020 أحد برامج تحقيق «رؤية السعودية 2030»، الذي يسعى إلى تطوير القطاع المالي ليكون قطاعا ماليا متنوعا وفاعلا لدعم تنمية الاقتصاد الوطني. وقد اعتمد البرنامج على ثلاث ركائز رئيسية، هي: «تمكين المؤسسات المالية من دعم نمو القطاع الخاص، وتطوير سوق مالية متقدمة، وتعزيز وتمكين التخطيط المالي». ففيما يتعلق بتطوير السوق المالية فقد مهدت الاصلاحات في هذا المجال الى انضمام السوق المالية السعودية إلى لائحة المتابعة لمؤشري الأسواق الناشئة مؤشر مورجان ستانلي MSCI Emerging Markets و«فوتسي راسل» في وقت تعتزم فيه «ستاندر آند بورز داو جونز» ضم السوق إلى مؤشراتها للأسواق الناشئة في مارس 2019. ولعل أبرز تلك الإنجازات التي طرأت على السوق المالية السعودية: تعديل المدة الزمنية لتسوية الصفقات للأوراق المالية المدرجة في السوق واتباع نموذج «يومي عمل» (T+2) الذي يتوافق أكثر مع المعايير الدولية والأسواق العالمية، وتعديل نموذج إدارة المحافظ المستقلة، إلى جانب السماح للمستثمرين الأجانب غير المقيمين بالاستثمار في السوق المالية الموازية. وإطلاق السوق المالية الموازية «نمو»، بالإضافة إلى إطلاق صناديق الاستثمار العقارية المتداولة (ريتس).

الأمر الثاني مشروعات سياحية استثنائية، كنت دائما اقول طالما لم ترتبط السياحة بالاقتصاد الوطني فلن يكون هناك جدية في صناعة السياحة في السعودية. ولهذا لما اعطت الرؤية قطاع السياحة اولوية كبيرة واعتبرتها موردا مهما واضافيا للإيرادات غير النفطية، خرجت لنا مشاريع سياحية ضخمة أبهرت العالم مثل مشروع «نيوم» باستثمارات بقيمة 500 مليار دولار، ومشروع «القدية» وهي أكبر مدينة ترفيهية ثقافية ورياضية عالمية، ومشروع البحر الاحمر بالاضافة الى تشجيع قطاعات كثيرة مثل قطاع السينما وغيرها. ومن المتوقع أن تصل مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي إلى 300 مليار ريال بحلول 2026 بحسب منظمة السياحة العالمية.

الامر الثالث مشروع الطاقة الشمسية، التي كتبت عنها كثيرا وسميتها النفط السعودي الجديد، وهو أكبر مشروع للطاقة الشمسية في العالم لإنتاج 200 غيغاواط في السعودية بقيمة تصل إلى 200 مليار دولار. وهذا المشروع يعد دليلا واضحا على توجه السعودية إلى فطم اقتصادها عن النفط. وهو بلا شك حدث مهم ومنحنى تاريخي ضخم في تاريخ المملكة. وهو كما ذكر كثير من المتابعين يمثل في اهميته اكتشاف النفط في المملكة في عام 1923. وأخيرا هذا يوم يستوجب لكل سعودي ان يرفع رأسه عاليا بشموخ وفخر بما تحقق وسوف يتحقق. فالسعودية الجديدة تسير بخطى ثابتة وسريعة لتحقيق رؤية 2030، وهي مرحلة جديدة تتميز بالتطوير والعمل الجاد الابتكاري والاستشرافي، وصولا الى مستوى الدول المتقدمة. رعاك الله يا وطن العز والشموخ والفخر. وكل عام والوطن وشعب السعودية بخير وسلام.

د.ابراهيم العثيمين

(اليوم)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *