المرأة والشباب .. في المجتمع العظيم

من الآن سيصبح اسم مجتمعنا في مقالاتي “المجتمع العظيم”، فبعد مقالي للأسبوع الماضي اكتشفت المزيد حول عظمة مجتمعنا.. فقد لاحظت التفاعل الكبير مع فكرة المقال أولا، ثم مع ما ورد فيه من شواهد على تقصيرنا تجاه المجتمع.. فلا أحد – كما ذكرت من قبل – يتحدث عن الإيجابيات إلا ما ندر، وتجد الأكثرية يتصيدون السلبيات ويكبرونها حتى أصبح “الاستثناء هو القاعدة” كما قال أحد الأساتذة المعلقين على المقال.. واستمرارا في إبراز عظمة مجتمعنا سيكون حديثي اليوم عن المرأة والشباب، وأعني بالشباب الذكور والإناث، حيث إنهم أكثر من يوجه لهم الانتقاد واتهامهم بالسطحية وحب المظاهر وتقليد الآخرين في حركاتهم وملابسهم وقصات شعرهم.. ونسي من ينتقدهم الجوانب الإيجابية، فهؤلاء وإن كانت تظهر عليهم بعض الصفات المظهرية في مرحلة عمرية معينة، يظلون محافظين على صلاتهم، ففي مساجدنا تصل نسبة الشباب إلى نحو 80 في المائة من المصلين وبعضهم لا يوحي مظهرهم بصفات التدين المتعارف عليها، ومع ذلك يحرصون على أداء الصلوات جماعة في المساجد.. وتراهم أيضا يحترمون الآباء وكبار السن عامة.. والشباب والشابات بصورة عامة في بلادنا يحققون تفوقا كبيرا في مختلف الميادين العلمية في الداخل والخارج، وتشهد براءات الاختراعات المسجلة على ذلك.. ففي المجال الطبي – مثلا – قرأنا عن سيدات سعوديات سجلت لهن جامعات عالمية نتائج أبحاث أفادت البشرية، لكن المؤسف أننا نذكر ذلك مرة واحدة في الأخبار العابرة ثم لا نسمع شيئا عن تكريم رسمي أو شعبي لهؤلاء المخترعين الذين يجدون الإغراءات من الجامعات التي درسوا فيها للعمل معهم وخدمة بلاد غير بلدهم. وعلى مستوى أعلى وأسمى يقدم شباب هذا المجتمع العظيم التضحيات، سواء على حدودنا أو في حفظ الأمن، ويقدمون أرواحهم وقلما نذكرهم مرة واحدة عند الصلاة عليهم أو تقديم العزاء لأسرهم.. ولعل شوارع مدننا أجدر بحمل أسمائهم من تلك الأسماء غير المعروفة المستخرجة من بطون كتب التاريخ، التي تحملها بعض الشوارع. وحتى في مجال التضحيات الإنسانية، يضرب شبابنا أمثلة مشرفة، ولعل الشابين اللذين قدما تضحية كبيرة لإنقاذ طفل أمريكي فغرقا – رحمهما الله – خير مثال على أن الخير في شباب هذا المجتمع العظيم أينما كانوا، فالدين والأخلاق والنخوة تدفعهم إلى القيام بأعمال تطوعية قد تكلفهم حياتهم أحيانا. وأخيرا: المرأة السعودية التي ينتقدها بعضهم، وقد يتهكم عليها.. تلك المرأة من أعظم نساء العالم.. فهي قبل سنوات قليلة في عمر الشعوب هي من كانت تقوم بمساعدة زوجها في الزراعة واستخراج المياه من الآبار وإعداد الولائم الكبيرة لأسرة وضيوف زوجها وتربية أبنائها والصبر على شظف العيش وشح الموارد.. ثم هذه الأم، رغم أنها لم تتعلم، حثت أبناءها وساعدتهم على التعليم، وأن أمهات عديد من العلماء والأطباء والمهندسين والطيارين ورجال الأعمال المعاصرين، هن من تلك الفئة غير المتعلمة، لكنها بعقلها وحرصها تعدل المؤهلات ويشهد بذلك سجلها الحافل بالإنجازات.. وخلاصة القول، إن المرأة والشباب في هذا المجتمع العظيم بحاجة إلى وقفة إنصاف من الجميع كي تظهر الصورة الجميلة لمجتمعنا.. وعلى الأجهزة المعنية وخطباء المساجد والكتاب والإعلاميين إبراز هذه الصورة بشكل مستدام عبر مختلف الوسائل المتوافرة في عصر الإعلام والاتصال.

علي الشدي

(الاقتصادية)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *