شهادة الاستدامة العقارية

شهادة الاستدامة العقارية، هي بالمعنى البلدي، وقف جميع الطرق الملتوية التي دأب عليها بعض أصحاب النفوس الجشعة، من تجار ومسوِّقي العقار، للإيقاع بضحاياهم من شريحة ذوي الدخل المحدود، هذه الشريحة الولَّادة لشركات الأقساط المختلفة التي اعتمدت عليهم في حقول تجاربها، لأنهم الحلقة الأضعف في السلسلة، وهم حطب النيران لكل تجربة فاشلة يشعلها تاجر عقاري جشع، هذا وفي زحمة الاختناقات العقارية التي سادت قبل سنوات، ومارسها المحتكر العقاري بكل صورها البشعة، كان لها أكبر الأثر النفسي العميق، على شريحة هائلة من الناس التي تسكن بالإيجار، مما جعلها ترضخ أمام ضغط هؤلاء الجشعين، وتهرب إلى الإمام كنوع من الانتحار الاختياري.

ففي تلك الحقبة كان المسوق العقاري الجشع يوحي لك أن الأمور في نهاياتها، وأن العقار في حالة صعود مستمر، (تلحق أو ما تلحق) أمام هذا الضغط النفسي الرهيب، استجابت هذه الشريحة إلى الدخول في لعبة جر الحبل غير المتكافئة، وذلك في الإقدام على شراء بيوت سكنية صغيرة أشبه بعلب الكبريت، وبأثمان باهظة جداً، تتجاوز المليون ونصف المليون، وعبر أقساط شهرية مبالغ فيها ولسنوات طويلة، دفعت الغالي والنفيس من أجل امتلاكها والهروب من صلف الإيجار، أعرف زميلاً اشترى بيتاً من هذه البيوت ليُؤويه وأطفاله، وعند الشراء دعانا أنا وبعض الأصدقاء لنشاركه الفرحة، وفعلاً استجبنا لدعوته لنشاركه الفرحة، لكن وبعد أيام نزلت صالة البيت هكذا فجأة دون مقدمات، وخوفاً من سقوط السقف أو أحد الجدران، جمع أطفاله وأمتعته وهرب من البيت خوفاً من المجهول، هرب من علبة الكبريت هذه ودخل مع المالك المحتال في قضايا طويلة ومتعبة، وسمعت عن قصص أخرى مماثلة، أحد هذه القصص أن أحدهم سقط ديكور بيته فجأة، ولو لم يكن خارج البيت لكان الآن في خبر كان، عشرات القصص المأساوية من البيوت المتصدعة والبالية، اشتراها هؤلاء الناس من تجار جشعين ضعاف نفوس، أرواح الناس لا تساوي عندهم شيئاً أمام ما يدخل جيوبهم من أموال حرام، وأمام كل ما تقدم فان شهادة الاستدامة هي رهان رابح، وسيف بيد المستهلك لإشهاره في وجه أي متربص جشع وضعيف نفس، شهادة الاستدامة هي عون للمواطن في شراء وبيع البيوت والمجمعات العقارية، دون أي خوف من الغش والتلاعب، لأنه من شروطها أن توضع شهادة الاستدامة هذه على شكل (استكر) على جدار العقار، تفيد هذه الشهادة أن هذا العقار مضمون ومكفول لمدة عشرين سنة قادمة، وهذا انتصار ساحق للمستهلك، وثمرة من ثمرات الرؤية.

عبدالهادي السعدي

(الرياض)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *