المفاوض السعودي .. ونظرية الأخذ والعطاء

المتابع لجولة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في الولايات المتحدة، وقبلها في بريطانيا، يلاحظ النجاحات الكبيرة التي تحققت في المجالات السياسية والأمنية والعسكرية. وقد تحدث عنها الكتاب المتخصصون في هذه المجالات.. لذا، فإن حديثي، اليوم، سيكون عن النتائج في المجال الاقتصادي، التي تحققت للطرفين.. وأضع هنا خطا تحت كلمة “الطرفين”، فالذين يرددون أن أمريكا، أو بريطانيا، تأخذ ولا تعطي، يجهلون أو يتجاهلون مقدرة المفاوض السعودي، الذي يتعامل بندية مع الطرف الآخر.. وهنا، تدرك الدول الكبرى أن المصالح تسير في اتجاهين وليس في اتجاه واحد فقط.. والأمير محمد بن سلمان، وهو المفاوض السعودي الذي رسخ هذه النظرية “الأخذ والعطاء”، قد بنى “رؤية 2030” على هذا المبدأ.. ولو استعرضنا بعض تفاصيل النجاحات، التي حققتها زيارة ولي العهد للولايات المتحدة، لوجدنا أنها شملت عدة قطاعات مهمة، منها النفط والطاقة والتصنيع والصحة.. وكان نقل المعرفة وتوطين أحدث التقنيات في بلادنا، العنوان الأبرز، حيث اشترط المفاوض السعودي ضرورة توطين ونقل المعرفة المستدامة لتوفير فرص العمل للسعوديين في عشرة قطاعات رئيسة للاستثمار المشترك وهي، الصناعات العسكرية والطيران والطاقة والبتروكيماويات والتقنية والتصنيع والنفط والغاز والتعدين والصحة.. وقد بلغت المذكرات الموقعة من الجانبين 46 مذكرة، تم فيها جميعا التركيز على توطين ونقل المعرفة من الجانب الأمريكي إلى الجانب السعودي. وجاء بعد ذلك مشروع الطاقة الشمسية، الذي يعتبر، بحق، مشروعا عملاقا سيضع السعودية في صدارة الدول المنتجة، بل المصدرة مستقبلا للطاقة الشمسية، ويعزز ذلك توافر المواد الأولية المستخدمة في صناعة الألواح الشمسية وموصلاتها، مثل السيليكا عالية النقاوة، والنحاس، والمواد المصنعة للبلاستك. وهذا سيمنح المشروع القدرة على مواصلة الإنتاج بكلفة أقل، مقارنة باستيراد هذه المواد من الخارج.. ويعزز الطلب المتزايد على الطاقة الشمسية، جدوى المشروع، الذي سيوفر وظائف عالية الكفاءة للسعوديين المؤهلين، ويقدر عدد هذه الوظائف، مع حلول 2030، بـ 100 ألف وظيفة.. ولا تقتصر فوائد هذا المشروع، الذي سيبدأ الإنتاج عام 2019، لبلادنا على ذلك، وإنما سيدخلها في مجال البحث العلمي العالمي، حيث سيطلق عمليات بحثية واسعة لتطوير كفاءة الخلايا الشمسية، وتطوير أنظمة تخزين الطاقة الشمسية، عبر شركات متخصصة في الأبحاث.. ويؤكد المشروع سمعة بلادنا، باعتبارها مصدر الأمان العالمي في الطاقة.. مما يحافظ على صدارتها السابقة والحالية في مجال الطاقة. وأخيرا، السعودية شريك قوي، ومفاوض ذكي، يعطي ويأخذ، ويوجد شراكات قوية مع الدول الكبرى.. وقد قال الرئيس ترامب، بعد لقائه الأول بالأمير محمد بن سلمان “أعتقد أن لدينا شريكا قويا”، ومعنى الشريك القوي لدى الغربيين، أنه يعرف ماذا يريد، ويعطي ويأخذ بشكل متوازن.. أما وزير التجارة الأمريكي، فقال بعد اجتماعه بالوفد السعودي، “السعوديون يقيسون كل شيء حتى أدنى التفاصيل”، وأشار إلى أن بيئة العمل هي ما يهيئ النجاح للعلاقات. وأضاف، “لا يوجد رجل أعمال أمريكي قد اشتكى من أي شيء في السعودية، وهذا أمر نادر ومهم جدا لنجاح الأعمال”. وبعد هذه الشهادات من قادة وخبراء عالميين نهنئ بلادنا على هذا المستوى من المهنية العالية، التي أصبحنا نتعامل بها في جميع المجالات، خاصة في المجال الاقتصادي، ما يبشر بمستقبل زاهر لهذه البلاد وشبابها الباحث عن مزيد من العلم والعمل والإنتاج.

علي الشدي

(الاقتصادية)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *