هواجيس

فكرة..!

هي بنت في بداية العشرين متخفية تحت اسم (فكرة)، دلفت معنا في مساحة صوتية في تطبيق “تويتر” تحت عنوان “الرسائل السامة في المجتمع”. تجرأت ودخلت لأول مرة في مساحة صوتية وهي في قمة الارتباك، وحكت وكأنها سيدة سبرت أغوار الحياة، ونهلت من علومها.. شدتني بحسن ترتيبها لأفكارها وأسلوب طرحها.

كنت مع زميل لي وهو دكتور من الكويت الشقيقة.. واتخذنا القرار، وجعلناها سيدة المساحة وهي من تديرها.. والسبب مقولتها : “نحن جيل مضطهد من قبلكم، تعتقدون أننا كسالى غير مبالين، ولا يمكن الاعتماد علينا، وكأنكم تحاولون تهميشنا” . صدمتني بكلامها بالرغم من عمرها. فقلت لها: لكِ القيادة في حوارنا.

تحدثت عن معاناة جيلها، من كل النواحي، لديها زميلات ينعتونها بالرجعية؛ كونها متمسكة بثوابت المجتمع وقيمها الدينية، كانت تقول: “نحن نفتقد للقدوة”.. تكمل كلامها: “الأغاني الكورية والمسلسلات ليست سوى غثاء يحاول طمس هويتنا وثقافتنا”.. كانت تحكي كالكبار فعظمت شخصيتها في عيني.

قالت: “نحن في شتات بسببكم.. فأنتم ألهتكم دنياكم وجوالاتكم عن الإحساس بنا والشعور تجاهنا وكأننا لا ننتمي لكم”. كان لديها عتب الفتاة الخجولة. تحدثت وأسهبت: “بسببكم، جيلنا بدأ ينهج الإلحاد كمحاولة للفت النظر.. وبعضهم قرر التمرد على كل الثوابت والقيم.. والسبب أن المجتمع لم يحتويهم. ولم يصغِ لهم”. كلماتها رصاصات لم تهدأ.. حتى زلزلت أفكارنا.

تحدثت عن الأم التي انشغلت عنها بالسناب. وعن الأب الذي بالكاد تشاهده في البيت.. قالت: “الكل منكب على جواله وتطبيقاته. ونحن شعرنا أننا جيل مفقود داخل جيل أشغلته وسائل التواصل الاجتماعي. أصبحت كل المحرمات متاحة أمامنا ، والمحصنين وحدهم منعوا نفسهم عنها. وحدهم ذوو الفطرة السوية كانوا في حماها”.

فكرة.. زلزلت الفكر وعلت بالصوت ليسمعها المجتمع. فهي تكلمت بلسان جيلها.. نحن نبحث عن القدوة في بيوتنا . نحن نريد الاهتمام والشعور بنا وإعطاءنا أهميتنا.. تحدثت وكأنها على منبر جامعي.. تلت خطبتها برصانة وحكمة.. فجعلتنا نفكر .. كم فكرة مثلها تعاني.. شكرًا يا فكرة.. لأنك ذكرتينا بدور العائلة المفقود.. وعلى لسانها أقول: سوف تُسألون يوم القيامة عن أبنائكم.. فماذا أعددتم للإجابة؟!.. والله المستعان.

ردان على “فكرة..!”

  1. يقول صالحة العصيمي:

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أنا معك في جزء بسيط من الموضوع أن بعض الأسر أهملت دورها ولكن أغلب الأسر تجلس الأم والأب بمفردهما والأبناء هم من شغلتهم التطبيقات هم من انغمسوا في مطاردة المشاهير وتتبع اخبارهم ولا يهتمون بالوالدين ربع إهامامهم بتلك التطبيقات يعرفون عن ما يدور خارج البيت أكثر مما يدور في البيت أنا ارى أن فكرة تجنت على أسر كثيرة عانت وتعاني من أختطاف التطبيقات لأبنايهم

  2. يقول نوره البيز:

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
    موضوعك حي لا يمكن له ان يموت بل يزداد حياة ..سؤال ..هل تجد ان اغلب البيوت العامره بأهلها لها فعلا سقوف تظلها اولها فعلا ابواب تحميها ..بل اصبحت مجرد جدران منمقه باوراق الجدران الزاهيه والدهانات الراقيه ..جميلة ولكن بلا روح كذلك اجيالنا الحاليه والقادمه الا مارحم ربي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *